• الموقع : سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي .
        • القسم الرئيسي : الحوارات .
              • القسم الفرعي : حوار مع العلوي .
                    • الموضوع : حوار مع العلوي 9 .

حوار مع العلوي 9

آخر كلمة لنا مع العلوي
 

بسمه تعالى

وله الحمد وصلاته على نبيه وآله

تحية لكم وسلام عليكم وعلى كل من تحبون ورحمة منه وبركات.

تلقيت كتابكم في هذا اليوم: 17/ ربيع 2/1400. وقد سرّني إنني رأيت فيه الأمور التالية:

الاول: إنكم قبلتم بحديث الثقلين المتواتر.

الثاني: ما ذكرتموه حول الفقه الجعفري.

الثالث: ما ذكرتموه من ان ما في كتب التاريخ ليس كله باطلاً.

الرابع: ما ذكرتموه من وجود أحاديث موضوعة ولا تصح في فضائل معاوية.

الخامس: قبولكم بأن جرح الرجال لأخذ الحديث عنهم ليس بغيبة.

السادس: قبولكم بأن الصحابي في اصطلاح علماء اهل السنة هو من رأى الرسول الأعظم(ص) ولو من بعيد شرط أن يكون مميزاً.

ولكن قد بقي في كتابكم مواضع تحتاج إلى بحث.. وحيث إنكم طلبتم مني إيقاف النقاش واعتذرتم بالمشاغل وكبر السن.. فإنني سوف أجمل بعض موارد النظر في كتابكم على النحو التالي:

اما بالنسبة لحديث الثقلين. وأن المراد بأهل البيت غير معلوم، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بين المراد من أهل البيت في آية التطهير وبقي ستة أو تسعة أشهر يذهب ويقف على باب دار فاطمة ويقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته.. وقد عيّنهم أيضاً حديث الكساء المستفيض في كتب المسلمين وهم: الخمسة أهل الكساء: النبي(ص) وعلي وفاطمة والحسنان. وقد تكلم العلامة الكبير السيد مرتضى العسكري حول حديث الكساء في مجلة الهادي السنة5 العدد4 وليراجع أيضاً دلائل الصدق / ج2 ابتداء من ص95، والدر المنثور في تفسير آية التطهير، وصحيح مسلم ومستدرك الحاكم وسنن الترمذي وغير ذلك كثير جداً.

وأما ما ذكره في الموطأ من قول الرسول(ص): كتاب الله وسنتي فمن جهة لا تنافي بين الحديثين ولا يضر ذلك بتواتر حديث كتاب الله وعترتي، ومن جهة ثانية؛

فإنما ذكره مالك بلاغاً ولم يذكر لنا سلسلة السند التي بينه وبين الرسول الاعظم فهو مرسل.. كما أنه نفس الرسالة التي أرسلتها إليكم حول حديث الثقلين قد تعرّضت لرواية الموطأ والمشكاة فليراجع ص18ـ19.

ووصية الرسول بكتاب الله كما ذكره الترمذي في الوصايا لا تضر بحديث الثقلين الذي ذكره الترمذي نفسه في سننه أيضاً كما نصت عليه الرسالة التي أرسلتها إليكم..

وأما حديث المشكاة في باب وفاة النبي(ص): اكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده فلا ربط له بالوصية بكتاب الله والعترة لأنه (ص) يريد أن يعهد إليهم عهداً يلزمهم به حتى لا يبقى عذر لمعتذر، ولذلك نجد أن بعض الصحابة قد مانعوا في كتابته (ص) وقالوا: أهجر ؟! أو غلب عليه الوجع أو نحو ذلك..

وحول وصية أبي حنيفة للإمام جعفر الصادق(ص)، فإنني أزيدكم: أن أبا حنيفة قد قال: (لولا السنتان لهلك النعمان) كما في مختصر التحفة الاثنى عشرية ص8. ويا حبذا لو كنتم اخذتم بالفقه الجعفري مباشرة وبلا توسيط أبي حنيفة، فتكونون قد شربتم من أصل النبع لا من فرعه. وإنني أطلب منكم أن تطالعوا كتاب: الإمام الصادق (ع) والمذاهب الأربعة للعلامة الشيخ أسد حيدر الذي أرسله إليكم مع هذه الرسالة..

وأما ما ذكرتموه حول كتب التاريخ.. فإن كتبهم ككتب أهل الحديث: أي كسنن البيهقي ومسند أحمد ومصنف عبد الرزاق وغيرها فيها الصحيح والحسن والضعيف والموضوع ولكن الأمور التي اتفق عليها غالب المؤرخين واستفاضت في كتبهم لابد من قبولها ـ كما إن كثيراً من روايات التاريخ له أسانيد صحاح وحسان ـ كما أنكم أنتم قد صرحتم أكثر من مرة بأنكم تقبلون الضعيف إذا لم يخالف كتاب الله – فلماذا لا تقبلون أحاديث المؤرخين هذه إذن..

وقولكم: إنها تخالف كتاب الله الدال على عدالة كل صحابي.. لا يمكن قبوله إذ ليس في القرآن ما يدل على عدالة كل من رأى النبي(ص).. هذا بالإضافة إلى أن هناك أحاديث صحيحة السند في الموطأ والبخاري ومسلم والترمذي ومستدرك الحاكم ومصنف عبد الرزاق ومسند أحمد وكلها تدل على أن كثيراً من الصحابة قد فعلوا بعض المعاصي الكبار المنافية لعدالتهم، فلماذا لا تشكلون على هذه الكتب أيضاً.

بل إن قسماً كبيراً من الروايات التاريخية والتفسير والمغازي مأخوذ من كتب الحديث.. ولذلك تجدون أن المعترضين إنما يأخذون قسماً كبيراً من اعتراضاتهم عن أوثق الكتب الحديثية التي يقال عنها إنها أصح شيء بعد القرآن !!..

وأما ما ذكرتموه حول فضائل معاوية: فإن قياسها على فضائل علي قياس مع الفارق، فقد قال أحمد والنسائي وإسماعيل القاضي وأبو علي النيسابوري والنص لأحمد: "ما لأحد من الصحابة من الفضائل بالأسانيد الصحاح مثلما لعلي رضي الله عنه". (مناقب أحمد لابن الجوزي الحنبلي ص163، وليراجع فتح الباري ج7 ص57).

فكيف تقاس فضائل معاوية التي صرح الحفاظ بأنه ليس فيها حديث صحيح على فضائل علي عليه السلام ؟!!.

وما نقلتموه عن تذكرة الموضوعات من أنه لا يلزم من عدم صحة الحديث كونه موضوعاً.. لا يلزمنا بشيء مادام أن ذلك يكفي في عدم إمكان ترتيب أثر عليه.

وإذا كانت كل الأحاديث ضعيفة فإنه لا يصح أن يقال: إن معاوية له فضائل.

وأما أن معاوية قد كتب له (ص) فإن ذلك لا ينفع لأنه قد ثبت إنه كتب له بعض الرسائل ولم يكتب الوحي كما أثبته السيد أبو الفضل مير محمدي في مقال له سابق.. هذا عدا عن أن ابن أبي سرح قد كتب له (ص) ولكن ذلك لم يمنع النبي (ص) من أن يهدر (ص) دمه حتى شفع له عثمان في فتح مكة.. وحديثهم اللهم علمه الكتاب لا يفيده بعد أن حكم محمد طاهر نفسه في تذكرة موضوعاته قبل ذلك بسطر بأنه لم يصح في فضائله أي حديث.

وقول السيوطي دليل لنا لا علينا.. وشهادة ابن عباس التي نقلتموها عن فتح الباري له لا تفيده لأن ابن عباس ليس من أهل البيت الذين عناهم حديث الثقلين كما أن فتح الباري نفسه ينص في نفس الصفحة ج7 ص81 على أن إسحاق بن راهويه والحاكم وأحمد بن حنبل والنسائي قد حكموا بأنه لا يصح في فضل معاوية شيء من طريق الإسناد ولذا لم يقل البخاري باب فضائل معاوية بل قال: باب ذكر معاوية. وأعود فأذكركم بما ورد في رسالتي السابقة في مقام نقل أقوال العلماء في فضائل معاوية.

وأما ما وقع لي في الفوائد المجموعة فسببه أني نقلت عنه بالواسطة ومع ذلك فإنه قد نقل إنه لا يصح في فضل معاوية شيء ثم أشار إلى حديث الترمذي ولقد راجعنا الترمذي فوجدناه قد ذكر حديثين حكم على كليهما بالغرابة وعلى الثاني حكم بالضعف أيضاً.. هذا عدا عن مناقشات العلامة الأميني لجميع فضائل معاوية في كتابه القيم: الغدير ج11 ص71، 103 وبين ضعف الأحاديث الواردة في معاوية بما لا مزيد عليه..

وأما ان العلماء لا يروون عن الفسّاق: كما قلتم، فإنه عجيب أوليس تجدون في سنن البيهقي ومسند أحمد ومصنف عبد الرزاق روايات كثيرة عن الضعفاء والمجاهيل وأصحاب البدع والأهواء ؟!

وإذا كان العلماء لا يروون إلا عن ثقة عدل فلماذا يحتاج إلى تمييز الموضوع عن غيره ولماذا لا تأخذون بكل ما في كتب العلماء من الروايات ولماذا تروي المتناقضات في الكتب.. أوليست الروايات التي يراد تمييز الصحيح من الفاسد منها قد ذكرها العلماء كلها في كتبهم حتى اضطر من جاء بعدهم إلى تدوين كتب الحديث والرجال والموضوعات وغيرها ؟!.

واما عدم جرح أحد من العلماء للصحابة فإنها هو لشبهة حصلت لهم حيث تخيلوا أن لديهم أدلة تثبت عدالتهم جميعاً، فلم يروا ضرورة للبحث عنهم.. ونحن نقول: إن هذه الأدلة التي اعتمدوها عليها لا تدل على عدالة كل صحابي ولا تثبت ما يريدون إثباته.

وأما استدلالكم على عدالة كل من رأى النبي(ص) بآية: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾، وبالحديث: "طوبى لمن رآني وآمن بي.." فهو استدلال منظور فيه،لأنه اولاً لا نسلم أن الله قد منحهم هذه العدالة أو تفضل عليهم بها لأن الأدلة التي يستدلون بها على العدالة محل نظر ومناقشة.. وإذا كان قد منحهم ذلك من دون استحقاق منهم ولا موجب فإن ذلك ينافي عدله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، إذ قد كان اللازم ان يتفضل على جميع البشر بمثل ما تفضل به عليهم..

وأما رواية: (طوبى.. الخ) فإن صح سندها فإنما تدل على أن من رآه مؤمناً به مع تحقق سائر الشرائط طوبى له.. وإلا.. فلو كان هذا الذي رآه وآمن بنبوته عاصياً يشرب الخمر ويزني او يترك الصلاة ويقتل أبناء الأنبياء فإن رؤيته له وإيمانه بالنبي(ص) لا ينفعه.

وفي الختام.. فإنكم قد طلبتم مني إيقاف هذا البحث واعتذرتم عن ذلك بمشاغلكم وشيخوختكم.. وأنا ـ وإن كان يصعب علي ترك البحث العلمي فإنني أكل ذلك إليكم.. والسلام عليكم وعلى كل من تحبون ورحمة الله وبركاته.

جعفر مرتضى الحسيني العاملي


  • المصدر : http://www.al-ameli.com/subject.php?id=247
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20