• الموقع : سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي .
        • القسم الرئيسي : الأسئلة والأجوبة .
              • القسم الفرعي : الأسئلة القرآنية .
                    • الموضوع : {اليوم أكملت..} هل نزلت قبل: {.. فما بلغت رسالته}.. .

{اليوم أكملت..} هل نزلت قبل: {.. فما بلغت رسالته}..

 

بسمه تعالى

 

إنكم تقولون: إن قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}([1]).. قد نزلت بعد نصب النبي ’ الإمام علياً × إماماً في يوم الغدير..

وإن آية: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}([2]).. قد نزلت قبل يوم الغدير..

مع أن آية الإكمال قد وردت في أول سورة المائدة، وآية الأمر بإبلاغ إمامة الإمام علي × قد جاءت في وسطها. والمفروض هو أن يكون العكس، لاسيما وأن القرآن كان ينزل نجوماً، وبالتدريج..

فكيف تفسرون ذلك؟!..


الجواب :

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

وبعد..

فإن الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى بعض التفصيل، بقدر ما يسمح لنا به المجال..

فنقول:

مرتكزات الإيمان:

إن الإيمان بنبوة رسول الله ’، يرتكز إلى أحد أمرين:

أحدهما: الإيمان المستند إلى إدراك العقل، وقضاء الفطرة بصحة الحقائق التي جاء بها..

وهذا هو ما كان إيمان أبي طالب، وحمزة وجعفر، وخديجة.. و.. و.. مرتكزاًٍ عليه، فإنهم قد أدركوا صحة ما جاء به رسول الله ’ بعقولهم، وقضت به فطرتهم، ولم يحتاجوا إلى إظهار معجزة، ولا طلبوا من النبي ’ ذلك، خصوصاً مع ما صاحب ذلك من معرفة قريبة، واطلاع مباشر على حياة الرسول ’، ومزاياه، وصدقه، ثم رؤية كرامات الله له، وألطافه به، ثم ما حباه به من رعاية وتسديد ومن نصر وتأييد..

وهذا هو إيمان أهل البصائر، الذين يَزِنون الأمور بموازين العدل، ويعطون النصفة من أنفسهم، وهو ما يفترض بالناس كلهم أن يكونوا عليه، أو أن يسعوا للوصول إليه.. وأن يلتزموا به ولا يتجاوزوه..

ولو أن الناس سلكوا هذا النهج لاستغنوا عن طلب الآيات والمعجزات، خصوصاً في ما يرتبط بأمر التوحيد والانقياد لله، والطاعة، والعبادة له، وما يتبع ذلك من تفاصيل تفيد في التعريف بصفات ذاته، وصفات فعله تبارك وتعالى.. فضلاً عن كل ما حدثهم به الله ورسوله مما يرتبط بالعلاقة والرابطة بين الخالق، ومخلوقاته..

وتدبير شؤون الحياة وفق الحكمة.. وهداية الكائنات كلها، ورعايتها وتربيتها.. فإن ذلك كله مما تفرض الفطرة السليمة والعقول المستقيمة الخضوع له، والإيمان به، وعقد القلب عليه.

فإذا قال لهم الله: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ}([3]).. فهو إنما يخاطب عقولهم، ويتحدث عن أمر يمكنهم أن يدركوه، وأن يؤمنوا به.. وكذلك حين يقول لهم: {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}([4]).. وغير ذلك مما تحكم به العقول، وتؤيده الفطرة البشرية الصافية والمستقيمة..

والأمر الآخر: الإيمان المستند إلى ظهور المعجزة القاهرة، والقاطعة للعذر، والتي تضطر العقل إلى الإقرار بالعجز، والبخوع والخضوع والاستسلام. وهذا ما يحتاج إليه أو يطلبه نوعان من الناس:

النوع الأول:

الذين يرغبون في إبقاء الأمور على ما كانت عليه.. ممن يثقل عليهم الانقياد إلى دعوات الأنبياء، ويأنفون من الالتزام بأحكام الله. وهؤلاء هم الذين كانوا يقترحون على الأنبياء أن يأتوهم بالآيات، وأن يظهروا المعجزات، ثم يكونون هم أول الجاحدين بها، والمكذبين لها..

النوع الثاني:

أولئك الذين يرغبون في معرفة الحق، ولا يأبون عن الالتزام به لو ظهر لهم.. ولكنهم ليسوا مثل جعفر، وحمزة، وخديجة و.. في وعيهم، وفي نظرتهم إلى الأمور، وإدراكهم للحقائق. فيحتاجون إلى عوامل تساعدهم على تحصيل اليقين بحقانية الدعوة، وواقع ارتباطها بالله سبحانه. من خلال المعجزة التي تقهر عقولهم، وتسوقهم إلى التسليم، لأن بها يتم إخضاع وجدانهم للغيب الإلهي..

وبما أن هذا القرآن هو معجزة رسول الله ’، ولم يكن بإمكان كل هؤلاء أن ينالوا معانيه، ولا أن يدركوا مراميه ومغازيه.. لأن فيهم الكبير والصغير، وفيهم الذكي والغبي، وكانوا في أسوأ حالات الأمية والجهل، والبداوة.. فكان لا بد من الرفق بهم، وتيسير الإيمان لهم، وفتح أبواب الهداية أمامهم..

فاحتاج الأمر إلى وسيلة إقناع، يفهمها هذا النوع من الناس ـ الذين لا يمكنهم إدراك حقائق القرآن، ومستوى إعجازه التشريعي، أو العلمي، أو البلاغي، أو غير ذلك.. ولم يكن يمكن تأجيل إيمانهم وإسلامهم إلى حين تحقق بعض الإخبارات الغيبية المستقبلية، الأمر الذي قد يمتد إلىسنوات كثيرة كالإخبار عن غلبة الروم في قوله تعالى: {غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ}([5]).. ولا.. ولا.. الخ..

ولا بد أن تكون وسيلة الإقناع هذه بحيث يدركها، ويفهمها جميع الناس بمختلف فئاتهم، وطبقاتهم، وأن تكون في متناول يد أعلم الناس، وأعقلهم كما هي في متناول يد أكثر الناس سطحية وسذاجة، ولو كان بعمر تسع سنوات للفتاة، وبعمر خمس عشرة سنة للفتى..

وقد اختار الله سبحانه أن تكون هذه الوسيلة هي أن تنزل السورة في بادئ الأمر بتمامها، فيقرؤها النبي ’ على الناس، ثم تبدأ الأحداث بالتحقق، فكلما حدث أمر، ينزل جبرئيل ×، بالآيات التي ترتبط بذلك الحدث، فيرى الناس: أن هذه الآيات هي نفسها التي كانت قد نزلت في ضمن تلك السورة قبل ساعة، أو يوم، أو شهر مثلاً.. فيدرك الذكي والغبي، وكل من يملك أدنى مستوى من العقل، بأن هذا القرآن لا بد أن يكون من عند الله، لأن الله وحده هو الذي يعلم بما يكون في المستقبل. وها هو قد أنزل الآيات المرتبطة بأحداث بعينها قبل أن تحدث..

وهم يعرفون النبي ’ عن قرب، ويعيشون معه، ويرون أنه مثلهم، ويملك الوسائل التي يملكونها، ويعيش نفس الحياة التي يعيشونها.

وبعدما تقدم نقول:

إننا من أجل توضيح هذه الإجابة، نشير إلى العديد من القضايا ضمن الفقرات التالية:

نزول سورة المائدة:

إن سورة المائدة قد نزلت دفعة واحدة كما يظهر مما رواه:

عبد الله بن عمرو، قال: أنزلت على رسول الله ’ سورة المائدة، وهو راكب على راحلته، فلم تستطع أن تحمله، فنزل عنها([6])..

عن أسماء بنت يزيد، قالت: إني لآخذة بزمام العضباء، ناقة رسول الله ’، إذ نزلت المائدة كلها، فكادت من ثقلها تدق عضد الناقة([7])..

عن أم عمرو بنت عبس، عن عمها: أنه كان في مسير مع رسول الله ’، فنزلت عليه سورة المائدة، فاندق كتف راحلته العضباء، من ثقل السورة([8])..

عن محمد بن كعب القرظي، قال: نزلت سورة المائدة على رسول الله ’ في حجة الوداع، فيما بين مكة والمدينة، وهو على ناقته، فانصدعت كتفها، فنزل عنها رسول الله ’([9])..

عن الربيع بن أنس قال: نزلت سورة المائدة على رسول الله ’ في المسير من حجة الوداع، وهو راكب راحلته، فبركت به راحلته من ثقلها([10]).

تاريخ نزول سورة المائدة:

وقد اختلفوا في تاريخ نزول سورة المائدة، وما يهمنا هنا هو الإشارة إلى أمرين:

الأول: ما روي من أن سورة المائدة قد نزلت منصرف رسول الله ’، من الحديبية([11]).

الثاني: قال القرطبي: >ومن هذه السورة ما نزل في حجة الوداع، ومنها ما نزل عام الفتح<([12])..

وذلك يشير إلى أن آيات هذه السورة قد نزلت نجوماً أيضاً.. وهذا نزول آخر غير نزول السورة بتمامها، كما هو واضح..

ضعوا هذه الآية في سورة كذا:

ومن جهة أخرى، فإنهم قالوا: >الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي، لا شبهة في ذلك<([13])..

وقد رووا: أن رسول الله ’، كان يقول: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا..

وقد روي ذلك عن ابن عباس([14])..

وروي عن عثمان بن عفان([15])..

وفي نص آخر: أن جبرئيل كان هو الذي يقول: ضعوا هذه الآية في مكان كذا..

وفي بعض الروايات أن المسلمين كانوا لا يعرفون ابتداء السورة وانتهاء غيرها، إلا بذلك، روي ذلك عن ابن عباس([16])..

وعن سعيد بن جبير([17])..

وعن ابن مسعود([18])..

ولكننا لا نجد إلا موارد يسيرة تحدثت عن ذلك([19])..

الدوافع والأهداف:

وهذا معناه: أن النبي ’، الذي لا ينطق عن الهوى، ولا يفعل شيئاً من تلقاء نفسه، أو أن جبرئيل × قد كان يأمر بذلك انطلاقاً من مصلحة اقتضت وضع الآية في خصوص ذلك الموضع، فإذا كان قد تعمد وضع آية الإكمال قبل آية الأمر بالتبليغ، فلا بد أن يكون قد راعى المصلحة في ذلك أيضاً..

لماذا قدم آية الإكمال:

وإذ قد عرفنا: أن هذا التفريق بين آية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}.. وآية: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}.. قد جاء وفق سياسة إلهية، ورعاية لمصالح بعينها، فإننا نقول: لعل المصلحة هي حفظ الإمامة، وحفظ إيمان الناس.. وتيسير سبل الهداية لهم كما سيتضح..

وربما تكون المصلحة فيما يرتبط بإمامة أمير المؤمنين × هي حفظ القرآن عن محاولات التحريف فيه، فإن الإسلام كما يحتاج إلى صيانة حقائقه ومقدساته، فإنه كان يحتاج أيضاً إلى جهاد الإمام علي × وتضحياته..

هذا الجهاد الذي حمل معه الخزي والعار والذل، لأهل الطغيان والجحود، فأورثهم الحقد والضغينة، حتى ظهرت حسيكة النفاق هذه بأبشع صورها بعد رسول الله ’، ولا حاجة إلى البيان أكثر من هذا..

غير أننا نقول: إن الخيارات أمام رسول الله ’، كانت هي التالية:

أن يباشر الرسول ’، بنفسه قتل المعتدين، ويرد بسيفه كيد الطغاة والجبارين، فيقتلهم ويستأصل شأفتهم، ويبيد خضراءهم..

وهذا يعني أن لا تصفو نفوس ذويهم له، وأن لا يتمكن حبه ’، من قلوبهم، فضلاً عن أن يكون أحب إليهم من كل شيء حتى من أنفسهم!!.. كما هو الواجب، الذي يفرضه الالتزام بالإسلام، والدخول في دائرة الإيمان..

وسوف تتهيأ الفرصة أمام شياطين الإنس والجن لدعوة هؤلاء الموتورين إلى الكيد له، والتآمر عليه، وإلى خيانته، ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً..

كما أنهم إذا ما اتخذوا ذلك ذريعة للعزوف عن إعلان إسلامهم واستسلامهم.. فإنهم سوف يمنعون أقواماً كثيرين من التعاطي بحرية وبعفوية مع أهل الإيمان، ثم حرمانهم وحرمان من يلوذ بهم من أبناء وأرحام، من الدخول الجدي في المجتمع الإسلامي، والتفاعل معه، والذوبان فيه.

أن يتولى هذا الأمر الآخرون من رجال القبائل المختلفة، فيقاتلون وحدهم الناس لأجل الإسلام، ودفاعاً عن المسلمين، وهذا خيار لا مجال للمصير إليه أيضاً، فإن احتفاظه ’، بأهل بيته وذوي قرابته سيكون مثاراً لتساؤلات كثيرة، من شأنها أن تضعف عامل الثقة، وتؤثر سلباً على حقيقة الاعتقاد بالنبوة، ودرجة الانقياد لها، والالتزام بأوامرها، ومستوى صفاء النية والاستبسال في المواقف الحرجة، حيث لا بد من خوض اللجج، وبذل المهج..

ثم هو بالإضافة إلى ذلك سوف يهيء لزيادة حدة التمزق من داخل الكيان الإسلامي، الذي لم يزل يعيش الناس في داخله روح الجاهلية، ومفاهيمها. وتتحكم بهم العصبيات العشائرية والقبلية، ولم يقطع مراحل كبيرة في مسيرة السمو الروحي، وتزكية النفوس، وإخلاصها لله في ما تحجم عنه، أو تقدم عليه..

وسيؤسس ذلك لجولات ولحروب، وتعديات ومآسٍ لا تنتهي، ولأحقاد لا تزول، بل تتضاعف باطراد، حيث ستدفعهم عصبياتهم للانتقام المتبادل.. وستكون النتيجة هي قتل الأبرياء، والتمزق والتشرذم، ولضعف أهل الدين، والسقوط في مستنقع الجريمة.. ثم الرذيلة بأبشع الصور، وأكثرها إثارة للقرف والاشمئزاز والتقزز..

وقد لاحظنا: أن أمير المؤمنين × يصر في حرب صفين ـ مثلاً ـ على أن يقابل تميم الشام بتميم العراق، وربيعة الشام، بربيعة العراق.. وهكذا بالنسبة لسائر القبائل، فإنه كان يقابلها بمثلها.. لا لأجل أنه يتعامل × بالمنطق القبلي ـ حاشاه ـ بل لأنه يريد:

أولاً: أن لا يمعن الناس في قتل بعضهم البعض، لأن المهم عنده هو وأد الفتنة بأقل قدر من الخسائر..

ثانياً: أن لا يكون هناك حرص من القبائل على إدراك ما تعتبره ثارات لها عند القبائل الأخرى، الأمر الذي سيهيء للمزيد من التمزق والصراع من داخل المجتمع الإسلامي..

وقد كان الخيار الأقل ضرراً، هو أن يدفع بأهل بيته الأبرار، ليكونوا هم حماة هذا الدين، والمدافعين عنه، وأن لا يحرم الآخرين من فرصة للجهاد في سبيل الله تعالى.. ضمن الحدود المقبولة والمعقولة. فكان يقدم أهل بيته، والإمام علياً ×، ليكونوا هم أنصار دين الله.. وقتلة أعداء الله، ثم ليكونوا هم الشهداء على هذه الأمة، والحافظين لوحدتها، والمحافظين على عزتها وكرامتها.

وإذا ما سعى الناس للانتقام من الإمام علي ×، وذريته، وتآمروا عليهم، فإن الإمام علياً وأهل بيته ^، لن يعاملوهم بغير الرفق، ولن يكون همهم الانتقام لأنفسهم، بل سوف يكون همهم حفظ الدين، ونشر أعلامه..

وبذلك يكون ’، قد حفظ الناس من الجحود والعناد، وجنبهم مخاطر إبطان الحقد عليه ’، أو السعي لتحريف كتاب الله، أو الإعلان بالخروج على الدين وأهله، لأن ذلك ـ لو حصل ـ سوف يزيد من صعوبة نشر هذا الدين إن لم يكن سبباً في أن يسقط الكيان كله، ولتبطل من ثم جهود الأنبياء، وتُطَلّ دماء الشهداء..

فالأخذ بهذا الخيار إذن يجسد رحمة الله للناس، ورفقه بهم، وتيسير الإيمان لهم، ولذرياتهم، ولمن يلوذ بهم، ولعله لأجل ذلك لم يذكر اسم الإمام علي × في القرآن.. حفظاً للقرآن من أن يحرفه من هو أشر وأضر ممن رمى القرآن بالنبل وهو يقول:

تـهـددني بجبار عنيــد          فها أنا ذاك جبار عنيـــد

إذا ما جئت ربك يوم حشر          فقل: يا رب مزقني الـوليد

نعم، إنه من أجل ذلك وسواه لم يذكر اسم الإمام علي × في القرآن بصراحة، مع أنه تحدث عن أمور صنعها الإمام علي ×، كتصدقه بالخاتم حين صلاته.. وأنزل آيات كثيرة فيه، ومنها آية: اليوم أكملت لكم دينكم.. وآية الأمر ببلاغ الرسالة.. وتحدث عن الإمامة كأساس للدين، وركز مفهومها، وأوضح معالمها..

ومما يؤيد حقيقة: أن عدم ذكر اسم الإمام علي × في القرآن قد جاء وفق سياسة بيانية إلهية.. ما روي بسند صحيح عن الإمام الصادق ×، حيث أوضح أن الله تعالى قد ذكر الإمامة للناس بصراحة تامة، وأوكل تفسير ذلك إلى نبيه ’، تماماً كما فعل في الصلاة، والزكاة، وغير ذلك..

ولعل ذلك يدخل ـ كما قلنا ـ في السياسة القاضية بحفظ القرآن: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}([20]).. والقاضية أيضاً بالرفق بالأمة، واللطف بالناس، وتألفهم على هذا الدين، وفسح المجال أمام من يلوذ بهم للتأمل، والتدبر، بعيداً عن الحواجز والموانع، وعن العُقَدِ، وغير ذلك، والحديث الصحيح الذي أشرنا إليه، يقول:

قيل للإمام الصادق ×، إن الناس يقولون: فما له لم يسم علياً وأهل بيته ^ في كتاب الله عز وجل..

قال: فقال: قولوا لهم: إن رسول الله ’ نزلت عليه الصلاة، ولم يسم الله لهم ثلاثاً، ولا أربعاً، حتى كان رسول الله ’ هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهماً درهم، حتى كان رسول الله ’ هو الذي فسر ذلك لهم..

ونزلت: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأولِي الأمْرِ مِنْكُمْ}([21]).. ونزلت في علي والحسن والحسين ^ ـ فقال رسول الله ’ في علي ×: من كنت مولاه فعلي مولاه..

وقال ’: أوصيكم بكتاب الله، وأهل بيتي، فإني سألت الله عز وجل أن لا يفرق بينهما، حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك..

وقال: لا تعلّموهم فهم أعلم منكم.

وقال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة..

فلو سكت رسول الله ’ فلم يبين مَنْ أهل بيته ^، لادّعاها آل فلان، وآل فلان. لكن الله عز وجل، أنزله في كتابه تصديقاً لنبيه ’: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}([22]).. فكان علي والحسن والحسين، وفاطمة ^ فأدخلهم رسول الله ’ تحت الكساء في بيت أم سلمة الخ([23])..

النزول على النبي قبل الإبلاغ:

قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}([24])..

وقال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}([25])..

وقد دلت الآيات على أن القرآن: {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}([26]).. {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}([27])..

وقد روى أهل السنة: أن القرآن قد نزل أولاً إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم صار ينزل نجوماً([28])..

وحكي الإجماع على ذلك([29])..

وهناك روايات تقول: إن القرآن قد نزل أولاً جملة واحدة إلى البيت المعمور، الذي هو في السماء الرابعة([30])..

ولم ير الشيخ المفيد أنه يمكن الاطمينان إلى صحة هذه الروايات([31])..

وقالوا أيضاً: إن القرآن قد نزل أولاً دفعة واحدة على قلب رسول الله ’ لكنه لم يؤمر بتبليغه وربما يستأنس لهذا القول ببعض الشواهد([32]).

وهذه الروايات والأقوال.. قد يكون جلها، أو كلها صحيحاً، إذا اعتبرنا: أن جلال وعظمة القرآن اقتضت مراتب من النزول له، فنزل إلى اللوح المحفوظ، ثم إلى البيت المعمور، ثم إلى السماء الدنيا..

ثم يأتي النزول التبليغي للناس، فينزله الله في شهر رمضان، على قلب رسول الله ’، ثم ينزل سورة سورة، ليقرأها النبي ’ على الناس، ثم تنزل الآيات متفرقة، كلما حدث أمر..

متى كانت النبوة:

وإذا كانت نبوة النبي الأكرم ’ لم تبدأ حين كان في سن الأربعين، بل هو نبي منذ صغره ـ أيده المجلسي بوجوه كثيرة([33])..

أو أنه كان نبياً وآدم بين الروح والجسد([34])..

وكان الله سبحانه قد خلقه قبل الخلق بألف دهر، وأشهده خلق كل شيء، كما في بعض الروايات([35])..

ثم جعله نوراً محدقاً بالعرش ـ عرش القدرة ـ ليطلع على المزيد من جلال وعظمة وقدرة وملك الله سبحانه، وذلك تكريماً منه تعالى له، وتجلةً وشرفاً استحقه ’، وكان له أهلاً..

ومن خلال هذا الإشراف، وذلك المقام، فإنه ’ يكون قد نال من المعارف الإلهية ما يليق بمقام النبوة الخاتمة، التي هي أعظم مقام..

ومن خلال نبوته الخاتمة هذه، فإن الله سبحانه يطلعه على غيبه، بكشف اللوح المحفوظ له ’، ويكون بذلك قد علم بالقرآن قبل إنزاله إليه للتبليغ على يد جبرئيل ×..

ولعل هذا يفسر لنا حقيقة أنه حين كان ينزل عليه القرآن في المرة التالية، كان يسبق جبرئيل × بالقراءة، بسبب معرفته به، فقد قال الله تعالى له: {وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ}([36]).. وقال: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}([37])..

أي أن النبي ’ كان يعرف القرآن قبل هذا النزول، إما باطلاعه على اللوح المحفوظ، أو بإيداع القرآن في قلبه سابقاً بواسطة جبرئيل ×، أو بواسطة الوحي الإلهامي..

فأراد الله سبحانه أن يعرف الناس بأن هذا النزول ليس هو النزول الأول، بل هو نزول اقتضته مصالح العباد في هدايتهم وإرشادهم، وفي تربيتهم بالصورة المناسبة لحالهم..

النزول لأجل هداية الناس:

وحين يريد الله سبحانه أن يوصل القرآن إلى الناس، فإنه يستفاد من الروايات: أن ذلك يتم عبر إنزاله مرتين، فيكون له نزولان بالنسبة إليهم..

ألف: النزول للسورة بتمامها:

فقد ورد: أن سورة المائدة، والأنعام، ويونس، والتوبة، والكهف، وبضع وثمانون آية من أول سورة آل عمران، وجميع سور المفصل.. بل أكثر سور القرآن، ربما باستثناء سورتين أو ثلاثة ـ كالبقرة وآل عمران ـ إن جميع ذلك قد نزل سورة سورة..

وقد قال تعالى في أول سورة النور: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا}.. مع أن الأحداث التي ذكرت سبباً لنزول آياتها مختلفة ومتفرقة..

وقال تعالى أيضاً: {وَإِذَا مَا أنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً}([38]).. فإنهم كانوا يقولون ذلك بمجرد فراغه ’، من تلاوة القرآن عليهم، ولم يكن هؤلاء القائلون ينتظرون الأيام والليالي حتى إذا اكتمل نزول السورة قالوا ذلك..

بل إنه حتى حين تنزل آيات السورتين أو الثلاث تدريجاً، فإنما هو تدريج بمعنى أن تنزل بتمامها ضمن مدة شهر مثلاً.. ثم تبدأ سورة أخرى بالنزول..

وليس المقصود أن ينزل بعض السورة، ثم ينزل بعض من غيرها.. ثم ينزل ما يكمل السورة الأولى مثلاً.. فإن هذا مما دلت النصوص على خلافه، خصوصاً تلك النصوص التي تقول: إنهم كانوا يعرفون انتهاء السورة وابتداء غيرها بنزول: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}..

لو كان لا بد من الانتظار:

كما أن السورة القرآنية كانت تؤخذ من رسول الله ’، ويكتبها الناس في مصاحفهم، ويحفظونها، ويقرؤونها في صلواتهم.. وكان النبي ’ يرشدهم إلى مواضع استحباب قراءتها.. وإلى كيفية القراءة، وأوقاتها، وحالاتها ومواردها..

وكانت تعرف بأسمائها في عهده، ويسافر بها أهل القبائل إلى منتجعاتهم، وأهل البلاد والقرى إلى بلادهم وقراهم..

ولم يكونوا ينتظرون زيادة شيء فيها، ولا كانوا يسألون عنه، كما أن النبي ’ لم يرسل إليهم طالباً منهم إضافة شيء إلى أية سورة كانوا قد حملوها عنه، وأخذوها منه..

ولو أن الباب كان قد بقي مفتوحاً على التبديل والتعديل، لكان علينا أن نشهد وأن نقرأ في التاريخ الكثير من موارد السؤال عن الزيادة أو الإخبار عنها، وبها لهذا الصحابي، ولذاك إلى حين وفاته ’..

نزول السورة مرتين:

وبعد أن تنزل السورة دفعة واحدة كما قلنا، كانت تنزل تلك السورة نفسها مرة أخرى.. كما هو الحال في سورة الإخلاص، التي نزلت في مكة مرة وفي المدينة أخرى، وكذلك سورة الفاتحة.. فقد نزلت مرة بمكة حين فرضت الصلاة، ومرة بالمدينة لما حولت القبلة([39])..

نزول الآية أيضاً مرتين:

وكما كانت السورة تنزل أكثر من مرة، فإن الآية كانت تنزل أكثر من مرة أيضاً.. وقد رووا ذلك في العديد من الموارد، مثل خواتيم سورة النحل، وأول سورة الروم، وآية الروح، وقوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ}([40]).. فإن سورتي الإسراء وهود مكيتان، وسبب نزولهما يدل على أنهما نزلتا في المدينة..

قال السيوطي: ولهذا أشكل ذلك على بعضهم، ولا إشكال، لأنها نزلت مرة بعد مرة([41])..

وقد صرحوا بأن مما يدخل في هذا السياق أنه قد تنزل الآية لأجل سبب بعينه، ثم يتجدد سبب آخر، فيقتضي نزولها مرة أخرى..

وقد مثلوا لذلك:

بقوله تعالى: {فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}([42]).. فقد زعموا كذباً وزوراً أنها نزلت في النبي ’ حينما غضب لتمثيلهم بعمه حمزة، فتوعدهم بالتمثيل بسبعين منهم. وهذا كذب على رسول الله ’..

ونزلت أيضاً في الأنصار في أحد، لنفس السبب([43])..

مثلوا له أيضاً بقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}([44])..

فزعموا: أنها نزلت في استغفار النبي ’ لأبي طالب ×..

وزعموا أيضاً: أنها نزلت في والدة رسول الله ’..

وكلا الموردين من الكذب والافتراء..

وزعموا كذلك: أنها نزلت في رجل استغفر لأبويه، كما رواه الترمذي([45])..

غير أن ما يهمنا هنا هو تصريحهم بأن الآية والسورة قد تنزل أكثر من مرة لأسباب مختلفة..

قالوا: إن آية {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قد نزلت مرتين أيضاً: مرة في مكة، ومرة في المدينة([46])..

احتمل سبط ابن الجوزي، وغيره: أن آية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}.. قد نزلت مرتين: في عرفة، وفي غدير خم([47])..

قالوا: إن آية: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} قد نزلت مرتين، كما نقله الحافظ ابن حجر([48])..

قالوا أيضاً: إن آية اللعان قد تكون نزلت مرتين([49])..

وقالوا أيضاً عن آية الجزية: إنها يحتمل أن تكون قد نزلت مرتين، وكذا آية الروح وخواتيم سورة النحل([50])..

النزول التدريجي للآيات:

وقد ذكر الله سبحانه نزول آيات القرآن بصورة تدريجية في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً}([51]).

وقال تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً}([52])..

فإنه وإن كان نزول القرآن سورة سورة يكفي في صحة القول بأنه ’ كان يقرؤه على مكث، وبأن الله تعالى قد فرقه، وبأنه لم ينزل جملة واحدة.. ولكن الظاهر من الروايات المتواترة أن آياته كانت تنزل أيضاً متفرقة، وفق ما يستجد من أحداث..

وذلك بعد أن تنزل السورة بكاملها أولاً.

ونذكر من الشواهد على ذلك، ما يلي:

شواهد وأدلة:

ألف: إن سورة الأنعام قد نزلت جملة واحدة بمكة، وقد شيعها سبعون ألف ملك([53])..

والروايات تقول أيضاً: إن آيات هذه السورة قد نزلت في مناسبات مختلفة، ونذكر من ذلك على سبيل المثال ما يلي:

عن ابن إسحاق، قال: مر رسول الله ’ فيما بلغني بالوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، وأبي جهل بن هشام، فهمزوه واستهزؤوا به، فغاظه ذلك، فأنزل الله: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ([54])}([55])..

عن ابن إسحاق، قال: لما دعا الرسول ’ قومه للإسلام، قال له زمعة بن الأسود، والنضر بن الحارث، وعبدة بن عبد يغوث، وأبي بن خلف، والعاص بن وائل: لو جعل معك يا محمد ملك يحدث عنك الناس، ويُرى معك. فأنزل الله في ذلك من قولهم: {وَقَالُوا لَوْلاَ أنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ([56])}([57])..

عن الإمام علي × قال: قال أبو جهل للنبي ’: إنا لا نكذبك، ولكن نكذب بما جئت به، فأنزل الله: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ([58])}([59])..

وعن أبي صالح قال: كان المشركون إذا رأوا رسول الله ’، قال بعضهم لبعض، فيما بينهم: إنه لنبي، فنزلت هذه الآية: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ([60])}([61])..

عن ابن مسعود، قال: مر الملأ من قريش على النبي ’ وعنده صهيب وعمار، وبلال، وخباب، ونحوهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمد، أرضيت بهؤلاء.. إلى أن قال: فأنزل الله فيهم القرآن: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ([62])}.. إلى قوله: {وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ}([63])..

وفي نص آخر عن عكرمة قال: (ما ملخصه) مشى عتبة وشيبة، وقرضة بن عبد عمرو وغيرهم. إلى أبي طالب، وطلبوا منه أن يطرد أولئك الضعفاء من حوله.. وقال له عمر: لو فعلت يا رسول الله، حتى ننظر ما يريدون بقولهم، وما يصيرون إليه من أمرهم، فأنزل الله: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا}.. الخ..

إلى أن قال: ونزلت في أئمة الكفر من قريش والموالي والحلفاء، {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا..} الآية. فلما نزلت، أقبل عمر بن الخطاب فاعتذر من مقالته، فأنزل الله: {وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ..([64])}([65])..

عن خباب قال ما ملخصه: جاء الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، فوجدا النبي ’ قاعداً مع بلال وصهيب، وعمار وخباب، وغيرهم من ضعفاء المؤمنين. فخلوا بالنبي ’ أن يجعل لهم مجلساً منه لا يكون فيه أولئك، فأجابهم إلى ذلك، فقالوا: >فاكتب لنا عليك بذلك كتاباً، فدعا بالصحيفة، ودعا علياً [×] ليكتب، ونحن قعود في ناحية، إذ نزل جبرئيل بهذه الآية: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ}.. إلى قوله: ..{فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}..

فألقى رسول الله ’ الصحيفة من يده، ثم دعانا، وهو يقول: {سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}.. فكنا نقعد معه، فإذا أراد أن يقوم، قام وتركنا. فأنزل الله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}([66])..

قال: فكان رسول الله ’ يقعد معنا بعد، فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم..

وهذا معناه: أن الآية قد نزلت مرة أخرى في المدينة([67])..

وفي نص آخر: عن عمر بن عبد الله بن المهاجر: أن النبي ’ كان أكثر ما يصلي نافلته عند اسطوان التوبة. وكان إذا صلى الصبح انصرف إليها وقد سبق إليها الضعفاء والمساكين والضيفان، والمؤلفة قلوبهم وغيرهم؛ فيتحلقون حول النبي ’ حلقاً بعضها دون بعض. فينصرف إليهم ويتلو عليهم ما أنزل الله عليه في ليلته، ويحدثهم، حتى إذا طلعت الشمس جاء أهل الطول والشرف والغنى، فلا يجدون إليه مخلصاً. فتاقت أنفسهم إليه، وتاقت نفسه إليهم، فأنزل الله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ}.. إلى منتهى الآيتين..

فلما نزل ذلك فيهم قالوا له: لو طردتهم عنا ونكون من جلساءك وإخوانك ولا نفارقك، فأنزل الله: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ}([68])..

وهذا معناه أن الآية قد نزلت في المدينة، وسورة الأنعام قد نزلت دفعة واحدة في مكة..

وعن سعد بن أبي وقاص، قال: نزلت هذه الآية في ستة: أنا وعبد الله بن مسعود، وبلال، ورجل من هذيل، واثنين، قالوا: يا رسول الله، اطردهم، فإننا نستحي أن نكون تبعاً لهؤلاء، فوقع في نفس النبي ’ ما شاء الله أن يقع، فأنزل الله: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، ـ إلى قوله ـ أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}([69])..

وهناك روايات عديدة أخرى كلها تصب في هذا الاتجاه([70])..

عن ماهان قال: أتى قوم إلى النبي ’، فقالوا: إنا أصبنا ذنوباً عظاماً، فما رد عليهم شيئاً، فانصرفوا، فأنزل الله: {وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا}.. فدعاهم، فقرأها عليهم([71]).

عن زيد بن أسلم، قال: لما نزلت: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً}([72]).. قال رسول الله ’: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيوف.. فقالوا: ونحن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله؟!.. قال: نعم.

فقال بعض الناس: لا يكون هذا أبداً. فأنزل الله: {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ}([73]).. الخ([74])..

8 ـ عن ابن جريج قال ما ملخصه: كان المشركون يجلسون إلى النبي ’، فإذا سمعوا منه استهزؤوا، فنزلت: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}([75]).. فجعلوا إذا استهزؤوا قام، فحذروا، وقالوا: لا تستهزؤوا فيقوم، فذلك قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} أن يخوضوا فيقوم.. ونزل: {فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}([76]).. الخ([77]).

عن ابن عباس في حديث.. : >قالت اليهود: يا محمد، أنزل الله عليك كتاباً؟! قال: نعم. قالوا: والله، ما أنزل الله من السماء كتاباً. فأنزل الله: {قُلْ} يا محمد، {مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى([78])}..([79]).

وواضح: أن التعاطي مع اليهود والاحتجاج عليهم، إنما كان في المدينة بعد الهجرة، مع ملاحظة أن للآية مناسبة خاصة نزلت فيها، مما يدل عن أن هذا قد كان نزولاً آخر لها غير نزولها في ضمن السورة..

10ـ وفي نص آخر، عن سعيد بن جبير: أنها نزلت في مالك بن الصيف حينما ناشده النبي ’ هل يجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين؟!، فغضب. (وكان حبراً سميناً) فأنكر، وقال: والله ما أنزل الله على بشر من شيء، فقال له أصحابه: ويحك، ولا على موسى؟. قال: ما أنزل الله على بشر من شيء، فأنزل الله: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ([80])}([81])..

11ـ وعن محمد بن كعب القرظي: جاء ناس من اليهود إلى النبي ’، وهو محتب. فقالوا: يا أبا القاسم، ألا تأتينا بكتاب من السماء، كما جاء به موسى ألواحاً؟!..

فأنزل الله: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاءِ}([82])..

فجثا رجل من اليهود فقال: ما أنزل الله عليك، ولا على موسى، ولا على عيسى، ولا على أحد شيئاً. فأنزل الله: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ}([83])..

وهناك رواية أخرى عن محمد بن كعب في شأن نزول هذه الآية، فراجع..

والكلام فيها كالكلام السابق، وهي أن مناقشاته ’، مع اليهود قد كانت في المدينة لا في مكة. وأنه حتى لو كان ذلك قد حصل في مكة، فهو أيضاً يدل على أن للآية نزولاً آخر غير نزولها في ضمن السورة([84]).

12ـ قد نزلت آية: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللهُ}([85]).. في سعد بن أبي سرح.. الذي كان يكتب القرآن لرسول الله ’ ثم فر إلى مكة فسألوه عن ذلك، فادعى أنه كان يكتب كيف شاء([86])..

وفي نصوص أخرى أنها نزلت في مسيلمة الكذاب([87])..

وربما يحمل ذلك على تعدد نزولها.

وفي جميع الأحوال نقول: إن ذلك إنما كان في المدينة بعد الهجرة، فهو نزول آخر للآية، حسبما ألمحنا إليه..

13ـ وتذكر بعض الروايات: أن آية: {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ}([88]).. قد نزلت حين مشت قريش إلى أبي طالب ×، وكلمته في أمر ابن أخيه، ثم طلبوا منه أن يكف عن شتم آلهتهم، وإلا فسوف يشتمونه، ويشتمون من أمره([89])..

وهذا معناه: أن للآية مناسباتها الخاصة التي أوجبت نزولها فيها أيضاً. يضاف إلى نزولها في ضمن السورة.

14ـ قالوا: إن آية: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ.. إلى قوله: يَجْهَلُونَ}([90]).. قد نزلت حين طلب المشركون من النبي ’ أن يجعل لهم الصفا ذهباً..

والكلام في هذا المورد كالكلام في سابقه([91])..

15ـ عن ابن عباس، قال: جاءت اليهود إلى النبي ’، فقالوا: نأكل مما قتلنا ولا نأكل مما يقتل الله، فأنزل الله: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ.. إلى قوله: وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ([92])}([93]).

وثمة ورايات عديدة أخرى بهذه المضامين([94])..

16ـ وقال ابن جريج: إن آية: {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}([95]).. نزلت في ثابت بن قيس بن شماس..

وذلك يعني: أنها قد نزلت في المدينة.. وأن لها نزولاً آخر غير نزولها في ضمن السورة([96]).

ب: سورة الكهف نزلت في مكة:

وقد ذكروا: أن سورة الكهف قد نزلت بمكة([97])..

وعن أنس عن النبي ’: قال: نزلت سورة الكهف جملة، معها سبعون ألفاً من الملائكة([98])..

وذكروا: أن قريشاً بعثت النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى يهود المدينة في أمره ’، فقالوا لهم: اسألوه عن ثلاث مسائل، فإن أخبركم فهو نبي، والأسئلة هي عن أهل الكهف، وعن ذي القرنين، وعن الروح، فرجعوا إلى مكة وسألوه عن هذه المسائل، فجاء جبرئيل × بسورة الكهف بعد خمسة عشر يوماً([99]).

وبعد أن اتضح: أن سورة الكهف قد نزلت جملة واحدة، نقول: إننا نجد أن عدداً من آياتها قد نزل في مناسبات مختلفة أيضاً، ونذكر من ذلك على سبيل المثال:

أخرج ابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في شعب الإيمان عن سلمان: أن قوله تعالى: {وَاتْلُ مَا أوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ.. ـ إلى قوله ـ .. إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً}([100]).. قد نزل حينما جاء المؤلفة قلوبهم، وهم عيينة بن بدر، والأقرع بن حابس، إلى النبي ’ واشترطوا عليه لكي يجالسوه هم ويحادثوه، ويأخذوا عنه، أن يجلس في صدر المجلس، وأن يبعد الفقراء عنه؛ لأنهم كانوا يلبسون جباب الصوف ـ يعنون سلمان وأبا ذر([101])..

وفي نص آخر: عن سلمان: نزلت هذه الآية فيْ وفي رجل دخل على النبي ’ ومعي شيء من خوص، فوضع مرفقه في صدري وقال: تنح حتى ألقاني على البساط، ثم قال: يا محمد إنا ليمنعنا من كثير من أمرك هذا وضرباؤه، أن ترى لي قدماً وسواداً، فلو نحيتهم إذاً دخلنا عليك، فإذا خرجنا أذنت لهم إذا شئت، فلما خرج أنزل الله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ.. ـ إلى قوله ـ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً}([102])..

ومن الواضح: أن سلمان قد أسلم في المدينة، فالآيات قد نزلت هناك أيضاً، بالإضافة إلى نزولها السابق في ضمن السورة..

رووا: أن قوله تعالى: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا}([103]).. نزلت في أمية بن خلف، وذلك أنه دعا النبي ’ إلى أمر كرهه، من طرد الفقراء وتقريب صناديد أهل مكة([104])..

ورووا أيضاً: أن النبي ’ تصدّى لأمية بن خلف وهو ساه غافل عما يقال له: فأنزل الله: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ}([105])..

رووا: أن قوله تعالى: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا}.. قد نزل في عيينة بن حصن. قال للنبي ’ قبل أن يسلم: لقد آذاني ريح سلمان الفارسي الخ..

والكلام في هذا المورد ظاهر، فإننا سواء أقلنا بتكرار نزول الآية، أو قلنا بعدمه، فإن الآية قد نزلت في مناسبة خاصة، بالإضافة إلى نزولها في ضمن السورة..

وقصة عيينة بن حصن إنما كانت في المدينة، والسورة قد نزلت دفعة واحدة في مكة([106])..

عن السدي، قال: قالت اليهود للنبي ’: يا محمد، إنما تذكر إبراهيم وموسى، وعيسى، والنبيين، أنك سمعت ذكرهم منا، فأخبرنا عن نبي لم يذكره الله في التوراة إلا في مكان واحد، قال: ومن هو؟!.. قالوا: ذو القرنين، قال: ما بلغني عنه شيء، فخرجوا فرحين، وقد غلبوا في أنفسهم فلم يبلغوا إلى باب البيت، حتى نزل جبرئيل بهؤلاء الآيات: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً}([107])..

وذلك معناه: أن هذه الآيات قد نزلت في مناسبة خاصة، وأن النبي’ لم يذكر لهم نزول هذه الآيات في سورة الكهف قبل ذلك، ربما لأجل أنه لم ينزل بها جبرئيل بعد ليحدد مناسباتها الخاصة بها([108])..

وقالوا: إن جندب بن زهير كان إذا صلى أو صام أو تصدق فذكر بخير ارتاح له، فزاد في ذلك لمقالة الناس، فلامه الله، فنزل في ذلك: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ([109])}([110])..

وفي نص آخر، عن مجاهد، كان رجل من المسلمين، يقاتل وهو يحب أن يرى مكانه، فأنزل الله: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ}([111])..

فالآية نزلت في مناسبة خاصة.. وهي واقعة في ضمن سورة نزلت دفعة واحدة أيضاً، في مكة.

خلاصة أخيرة:

وتكون النتيجة هي: أن الله سبحانه كان ينزل السورة أولاً، فيقرؤها النبي ’ بتمامها على الناس، ثم تبدأ الأحداث بالتحقق، فيأتي جبرئيل × إلى الرسول ’، بالآيات التي ترتبط بتلك الأحداث، فيعرف الناس بذلك: أن هذا القرآن منزل من عند عالم الغيب والشهادة..

وحتى السور التي نزلت نجوماً، كسورة البقرة وسورة آل عمران، فإن نزولها كان يتم بصورة تتلاءم مع هذه السياسة، ولذلك قالوا: إن بضعاً وثمانين آية من سورة آل عمران قد نزلت دفعة واحدة.. ثم بدأت الأحداث تتوالى، ويأتي جبرئيل × بالآيات المرتبطة بها، مع أن هذه الآيات قد نزلت قبل حصول تلك الأحداث وذلك في ضمن البضع والثمانين آية المشار إليها..

وهذا بالذات هو حال سورة المائدة أيضاً، فإنها نزلت دفعة واحدة ثم صارت آياتها تنزل تدريجاً كلما حدث أمر يقتضي نزول آيات بعينها من تلك السورة..

وإنما جاءت آية إكمال الدين قبل آية تبليغ الرسالة، في نطاق سياسة إلهية تهدف إلى حفظ القرآن، وإلى الرفق بالناس، وتيسير أمر الهداية لهم، حسبما أوضحناه..

والحمد لله رب العالمين..

جعفر مرتضى الحسيني العاملي



([1]) سورة المائدة، الآية 3.

([2]) سورة المائدة، الآية 67.

([3]) سورة المؤمنون، الآية 115.

([4]) سورة يس، الآيتان 78 و79.

([5]) سورة الروم، الآيتان 2 و3.

([6]) الدر المنثور ج2 ص252 عن أحمد.

([7]) الدر المنثور ج2 ص252 عن أحمد، وعبد بن حميد، وابن جرير، ومحمد بن نصر في الصلاة، والطبراني، وأبي نعيم في الدلائل، والبيهقي في شعب الإيمان.

([8]) الدر المنثور ج2 ص252 عن ابن أبي شيبة في مسنده، والبغوي في معجمه، وابن مردويه، والبيهقي في دلائل النبوة.

([9]) الدر المنثور ج2 ص252 عن أبي عبيد.

([10]) الدر المنثور ج2 ص252 عن ابن جرير.

([11]) الجامع لأحكام القرآن ج6 ص30.

([12]) الجامع لأحكام القرآن ج6 ص30.

([13]) الإتقان ج1 ص24.

([14]) راجع: الدر المنثور ج1 ص7 عن الحاكم وصححه، وعن أبي داود، والبزار، والطبراني، والبيهقي في المعرفة وفي شعب الإيمان والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص272 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص43 والإتقان ج1 ص62 والبرهان للزركشي ج1 ص241 عن الترمذي والحاكم، والتمهيد ج1 ص213 وتاريخ القرآن للصغير ص81 عن: مدخل إلى القرآن الكريم لدراز ص34، لكن في غرائب القرآن للنيسابوري، بهامش جامع البيان للطبري ج1 ص24 ومناهل العرفان ج1 ص240 هكذا: >ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا<.

([15]) مستدرك الحاكم ج2 ص330 و221 وتلخيصه للذهبي بهامشه وغريب الحديث ج4 ص104، والبرهان للزركشي ج1 ص234 /235 وراجع ص61 وغرائب القرآن بهامش جامع البيان ج1 ص24 وفتح الباري ج9 ص19 و20 و39 و38، وكنز العمال ج2 ص367 عن أبي عبيد في فضائله، وابن أبي شيبة، وأحمد، وأبي داود، والترمذي، وابن المنذر، وابن أبي داود، وابن الأنباري معاً في المصاحف، والنحاس في ناسخه، وابن حبان، وأبي نعيم في المعرفة، والحاكم وسعيد بن منصور، والنسائي، والبيهقي، وفواتح الرحموت بهامش المستصفى ج2 ص12= = عن بعض من ذكر، والدر المنثور ج3 ص207 و208 عن بعض من ذكر، وعن أبي الشيخ، وابن مردويه ومشكل الآثار ج2 ص152 والبيان ص268 عن بعض من تقدم، وعن الضياء في المختارة، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج2 ص48 وراجع: بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص103 ومناهل العرفان ج1 ص347 ومباحث في علوم القرآن ص142 عن بعض من تقدم، وتاريخ القرآن للصغير ص92 عن أبي شامة في المرشد الوجيز... وجواهر الأخبار والآثار بهامش البحر الزخار ج2 ص245 عن أبي داود والترمذي وسنن أبي داود ج1 ص209 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص42 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص10 ومسند أحمد ج1 ص57و69.

([16]) الدر المنثور ص7 عن الحاكم وصححه، والبيهقي في السنن.

([17]) راجع الدر المنثور ج1 ص7 عن أبي عبيد.

([18]) الدر المنثور ج1 ص7 عن الواحدي والبيهقي في شعب الإيمان.

([19]) راجع: حقائق هامة حول القرآن الكريم ص78.

([20]) سورة يوسف، الآية 12.

([21]) سورة النساء، الآية 59.

([22]) سورة الأحزاب، الآية 33.

([23]) هذا الحديث في الكافي ج1 ص287 و288 وتفسير الصافي ج1 ص462 عنه، وعن العياشي، وراجع نور الثقلين ج1 ص502 وكنز الدقائق ج3 ص441 و442.

([24]) سورة البقرة، الآية 185.

([25]) سورة القدر، الآية1.

([26]) سورة البروج، الآية 22.

([27]) سورة الزخرف، الآية 4.

([28]) الإتقان ج1 ص39 و40 عن الحاكم والبيهقي، والنسائي، وسعيد بن منصور، وابن أبي حاتم، وابن أبي شيبة، والطبراني، والبزار.

([29]) راجع: الإتقان ج1 ص40 و44.

([30]) راجع: الصافي ج1 ص64 وعن كونه في السماء الرابعة. راجع: البحار ج55 ص55 و56 و57 عن محاسبة النفس لابن طاووس.. وتفسير القمي ج2 ص331 وسفينة البحار ج2 ص277.

([31]) راجع كلامه في تصحيح الاعتقاد ص58.

([32]) راجع تفسير الميزان ج2 ص18 وتفسير الصافي المقدمة التاسعة، وتاريخ القرآن للزنجاني ص10.

([33]) البحار ج18 من ص277 إلى ص281.

([34]) راجع: الغدير ج9 ص287  عن مصادر كثيرة.

([35]) راجع الكافي ج1 ص441 والبحار ج15 ص19 وراجع كتاب: براءة آدم ص41 ـ 45 ففيه أحاديث أخرى..

([36]) سورة طه، الآية 114.

([37]) سورة القيامة، الآيات 16 ـ 18.

([38]) سورة التوبة، الآية124.

([39]) راجع: الإتقان ج1 ص35، والدر المنثور ج1 في تفسير سورة الفاتحة وج6 في تفسير سورة الإخلاص، فإنه قد روى ذلك عن مصادر كثيرة. وراجع أيضاً: شرح أصول الكافي لملا صالح المازندراني ج1 ص463 وفتح الباري ج8 ص121 وتحفة الأحوذي ج8 ص228 ومجمع البيان ج1 ص47 والبيان للسيد الخوئي ص418.

([40]) سورة هود، الآية 114.

([41]) الإتقان ج1 ص35.

([42]) سورة النحل، الآية 126.

([43]) راجع في الموردين كتاب الإتقان ج1 ص33 وكتابنا الصحيح من سيرة النبي ’ في غزوة أحد.

([44]) سورة التوبة، الآية 113.

([45]) راجع كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم ’.. حين الحديث عن إيمان أبي طالب ×.

([46]) راجع: تذكرة الخواص ص30.

([47]) تذكرة الخواص ص30 وشرح أصول الكافي لملا صالح المازندراني ج11 ص278.

([48]) تفسير الميزان ج3 ص267.

([49]) لباب النقول ص5.

([50]) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص379.

([51]) سورة الفرقان، الآية 32.

([52]) سورة الإسراء، الآية 106.

([53]) راجع: الدر المنثور ج3 ص2 و3 و4 والإتقان ج1 ص37 عن ابن الضريس، وأبي عبيدة وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه، والحاكم، وأبي الشيخ، والبيهقي في شعب الإيمان، والسلفي في الطيوريات، والإسماعيلي = = في معجمه، والخطيب في تاريخه، وعبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وغيرهم، عن ابن عباس، وابن مسعود، وأسماء بنت يزيد الأنصارية، وابن عمر، وأنس، وجابر، وعن الإمام علي ×، وعن أبي بن كعب، ومجاهد، ومحمد بن المكندر، وعطاء، وغيرهم.

([54]) سورة الأنبياء، الآية 41 .

([55]) الدر المنثور ج3 ص5 عن ابن المنذر، وابن أبي حاتم.

([56]) سورة الأنعام، الآية 8 .

([57]) الدر المنثور ج3 ص5 عن ابن المنذر وابن أبي حاتم.

([58]) سورة الأنعام، الآية 33.

([59]) الدر المنثور ج3 ص9 و10 عن الترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والحاكم وصححه، والضياء في المختارة وابن مردويه. وعن أبي ميسرة كما رواه عبد بن حميد، وابن المنذر وابن مردويه.

([60]) سورة الأنعام، الآية 33.

([61]) الدر المنثور ج3 ص10 عن أبي الشيخ.

([62]) سورة الأنعام، الآيات 51 ـ 58.

([63]) الدر المنثور ج3 ص12 عن أحمد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه، وأبي نعيم في الحلية.

([64]) سورة الأنعام، الآية 54.

([65]) الدر المنثور ج3 ص13 عن ابن جرير، وابن المنذر.

([66]) سورة الكهف، الآية 28.

([67]) الدر المنثور ج3 ص13 عن ابن أبي شيبة، وأبي يعلى، وابن ماجة، وأبي نعيم في الحلية، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل..

([68]) الدر المنثور ج3 ص13 عن الزبير بن بكار في أخبار المدينة.

([69]) الدر المنثور ج3 ص13 عن الفريابي، وأحمد، وعبد بن حميد، ومسلم، والنسائي، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والحاكم، وأبي نعيم في الحلية، والبيهقي في الدلائل.

([70]) راجع ما رواه في الدر المنثور ج3 ص13 و14 عن مجاهد، والربيع بن أنس. ورواها عن ابن عساكر، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن جرير، فراجع..

([71]) الدر المنثور ج3 ص14 عن الفريابي، وعبد بن حميد، ومسدد في مسنده، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ..

([72]) سورة الأنعام، الآية 65.

([73]) سورة الأنعام، الآيتان 65 و66.

([74]) الدر المنثور ج3 ص20 عن ابن جرير، وابن المنذر.

([75]) سورة الأنعام، الآية 68.

([76]) سورة الأنعام، الآيتان 68 و69.

([77]) الدر المنثور ج3 ص20 و21 عن ابن جرير، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وراجع ما رواه في الدر المنثور ج3 ص21 عن أبي الشيخ عن مقاتل..

([78]) سورة الأنعام، الآية 91.

([79]) الدر المنثور ج3 ص29 عن ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه.

([80]) سورة الأنعام، الآية 91.

([81]) الدر المنثور ج3 ص29 عن ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.

([82]) سورة النساء، الآية 153.

([83]) الدر المنثور ج3 ص29 عن ابن جرير.

([84]) الدر المنثور ج3 ص29 عن أبي الشيخ.

([85]) سورة الأنعام، الآية 93.

([86]) راجع الدر المنثور ج3 ص30 عن الحاكم في المستدرك، وعن ابن أبي حاتم، عن شرحبيل بن سعد، وعن السدي.

([87]) راجع: الدر المنثور ج3 ص30 عن عبد بن حميد وابن المنذر، وابن جرير، وأبي الشيخ عن ابن جريج، وقتادة، وعكرمة.

([88]) سورة الأنعام، الآية 108.

([89]) الدر المنثور ج3 ص38 عن ابن أبي حاتم.

([90]) سورة الأنعام، الآيات 109 ـ 111.

([91]) الدر المنثور ج3 ص39 عن ابن جرير، وراجع ما رواه أيضاً عن أبي الشيخ. وما أخرجه أيضاً في نفس الموضع عن ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد،  =  = وابن  المنذر، وأبي الشيخ، وابن أبي حاتم.

([92]) سورة الأنعام، الآيات 118 ـ 121.

([93]) الدر المنثور ج3 ص41 و42 عن أبي داود والترمذي وحسنه، والبزار وابن جرير، وابن المنذر، ورواه ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو داود، وابن ماجة، والحاكم وصححه، والنحاس والطبراني، والبيهقي في سننه.. وفي نص آخر ج3 ص42 عن الضحاك، أن المشركين قالوا ذلك. روى ذلك أبو الشيخ، وعبد بن حميد، وابن جرير والطبراني، وابن مردويه، وأبو داود.

([94]) راجع الدر المنثور ج3 ص42 عن مصادر كثيرة.

([95]) سورة الأنعام، الآية 141.

([96]) الدر المنثور ج3 ص49 عن ابن جرير وابن أبي حاتم.

([97]) الدر المنثور ج4 ص205 عن ابن مردويه، والنحاس في ناسخه، والإتقان ج1 ص37 و38.

([98]) الدر المنثور ج4 ص210 عن الديلمي في مسند الفردوس والإتقان ج1.

([99]) الدر المنثور ج4 ص210 عن أبي نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل، وابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر.

([100]) سورة الكهف، الآيتان 27 ـ 29.

([101]) الدر المنثور ج4 ص219.

([102]) الدر المنثورج4 ص219 عن عبد بن حميد.

([103]) سورة الكهف، الآية 28.

([104]) الدر المنثور ج4 ص220 عن ابن مردويه.

([105]) الدر المنثور ج4 ص220 عن ابن أبي حاتم.

([106]) الدر المنثور ج4 ص220.

([107]) سورة الكهف، الآية 83.

([108]) الدر المنثور ج4 ص240 عن ابن أبي حاتم، وروى نحواً من هذا ابن عمر أيضاً فراجع نفس المصدر عنه.

([109]) سورة الكهف، الآية 110.

([110]) الدر المنثور ج4 ص255 عن ابن مندة، وأبي نعيم في الصحابة، وابن عساكر وأسد الغابة ج1 ص303.

([111]) الدر المنثور ج4 ص255 عن ابن أبي حاتم.

 

 

  • المصدر : http://www.al-ameli.com/subject.php?id=531
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18