![](http://al-ameli.com/edara/pic/icon/xjafar-morteza3.jpg.pagespeed.ic.y0yvh7CxV5.jpg)
السؤال(461):
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تحية طيبة لسماحة السيد العلامة..
متى بدأ التكتف في الصلاة تاريخياً؟
وهل كان ذلك مجرد اشتباه، أم أن هناك مستمسك آخر للموضوع؟
وكيف انتشر كل هذا الانتشار؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
1 ـ فإن فقهاء المذاهب الأربعة اختلفوا في أمر التكتف في الصلاة، وقد بين ابن رشد (الحفيد) هذا الاختلاف وأسبابه، فقال:
«اختلف العلماء في وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، فكره ذلك مالك في الفرض، وأجازه في النفل..
وروى قوم: أن هذا الفعل من سنن الصلاة، وهم الجمهور..
والسبب في اختلافهم: أنه قد جاءت آثار ثابتة، نقلت فيها صفة صلاته عليه الصلاة والسلام، ولم ينقل فيها: أنه كان يضع يده اليمنى على اليسرى..
وثبت أيضاً: أن الناس كانوا يؤمرون بذلك.
وورد ذلك أيضاً من صفة صلاته عليه الصلاة والسلام في حديث أبي حميد.
فرأى قوم: أن الآثار التي أثبتت ذلك اقتضت زيادة على الآثار التي لم تنقل فيها هذه الزيادة، وأن الزيادة يجب أن يصار إليها.
ورأى قوم: أن الأوجب المصير إلى الآثار التي ليس فيها هذه الزيادة، لأنها أكثر، ولكون هذه ليست مناسبة لأفعال الصلاة، وإنما هي من باب الاستعانة الخ..»[1]
2 ـ إننا نلاحظ هنا: أن مالكاً ملتزم بالفتوى بما عليه أهل المدينة، فلو كان التكتف من عملهم لالتزم به مالك فتوى وعملاً.. مع العلم بأن المدينة كانت مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله، وموضع سكنى الصحابة، وأبنائهم وأحفادهم، ولم يمض بعد على وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله سوى ما يزيد على القرن من الزمن بقليل، فلو كان هناك تكتف لظهر في هذا البلد قبل أي بلد آخر..
3 ـ إن كلام ابن رشد الآنف الذكر يعطي أيضاً: أنه قد كان ثمة أناس يأمرون الناس بالتكتف، ويحملونهم عليه، وهذا معناه: أن التكتف لم يكن معروفاً في الصلاة، وإنما هو من الأمور العارضة، التي اقتضت إصدار الأوامر، وحث الناس عليه..
كما أن نفس مخالفة مالك بن أنس وأتباعه في هذا الأمر، يشير إلى أن هذا لم يكن في صلاة المسلمين، إذ لو كان فيها، فلماذا تركه هذا الفريق من الناس.. ولا يزال ملتزماً بتركه في صلاة الفرض إلى زماننا هذا، بل هو من مميزات مذهبهم..
4 ـ قيل: إن هذا الأمر قد استُحْدِثَ في الصلاة من زمن الخليفة الأول.
وقيل: ـ ولعله الأظهر ـ إنه استحدث في زمن الخليفة الثاني، فقد جاء في الأثر: أنه لما جيء بأسارى الفرس إلى عمر بن الخطاب كفَّروا أمامه، فلما شاهدهم على تلك الهيئة استفسر عن العلة، فأجيب بأنهم هكذا يصنعون أمام ملوكهم، تعظيماً وإجلالاً، فاستحسنه، وأمر بصنعه في الصلاة، لأنه تعالى أولى بالتعظيم..[2]
مع ملاحظة: أن فقهاءنا إنما يذكرون هذه الرواية في مصنفاتهم.. لا للاستدلال، وإنما لأجل الاستئناس بها..
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين..
[1]بداية المجتهد ج1 ص99 ط دار الفكر..
[2]راجع: مستند العروة الوثقى ج4 ص445 و446 وراجع الجواهر ج11 ص19 ومصباح الفقيه ج2 قسم2 ص402.
|