• الموقع : سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي .
        • القسم الرئيسي : مختارات .
              • القسم الفرعي : نصوص .
                    • الموضوع : كلام حول الطاعون والوباء .

كلام حول الطاعون والوباء

كلام حول الطاعون والوباء

 للراحل العلامة المحقق آية الله السيد جعفر مرتضى العاملي قدس سره

من كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ج 30 ص 98 ـ 104

حديث الطاعون في الشام:

وروى عكرمة عن أبيه أو عن عمه عن جده:

أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال في غزوة تبوك: «إذا وقع الطاعون بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها، وإذا كنتم بغيرها فلا تقدموا عليها»([1]).

....

بالنسبة للكلمة المنقولة عن النبي «صلى الله عليه وآله» آنفاً فيما يرتبط بالدخول أو الخروج من البلاد التي يكون فيها الطاعون نقول:

إنها قد أسست لمبدأ الحجر الصحي للأمان من العدوى، وإن كان بعض الناس قد فهمها بصورة خاطئة، كما أوضحته الروايات الواردة عن أهل البيت «عليهم السلام»:

1 ـ فعن علي بن المغيرة، قال: قلت لأبي عبد الله «عليه السلام»: القوم يكونون في البلد يقع فيها الموت، ألهم أن يتحولوا عنها إلى غيرها؟!.

قال: نعم.

قلت: بلغنا أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» عاب قوماً بذلك.

فقال: أولئك كانوا رتبة بإزاء العدو، فأمرهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن يثبتوا في موضعهم، ولا يتحولوا منه إلى غيره، فلما وقع فيها الموت تحولوا من ذلك المكان إلى غيره. فكان تحولهم من ذلك المكان إلى غيره كالفرار من الزحف([2]).

2 ـ وعن أبان الأحمر قال: سأل بعض أصحابنا أبا الحسن «عليه السلام» عن الطاعون يقع في بلدة وأنا فيها، أتحول عنها؟

قال: نعم.

قال: ففي القرية وأنا فيها أتحول عنها؟

قال: نعم.

قال: ففي الدار وأنا فيها أتحول عنها؟

قال: نعم.

قلت: فإنا نتحدث أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال: الفرار من الطاعون كالفرار من الزحف؟!.

قال: إن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، إنما قال هذا في قوم كانوا يكونون في الثغور في نحر العدو، فيقع الطاعون، فيخلون أماكنهم ويفرون منها، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» ذلك فيهم([3])..

3 ـ وروي: أنه إذا وقع الطاعون في أهل مسجد، فليس لهم أن يفروا منه إلى غيره([4])..

4 ـ وعن علي بن جعفر: أنه سأل أخاه موسى الكاظم «عليه السلام»: عن الوباء، يقع في الأرض، هل يصلح للرجل أن يهرب منه؟!.

قال: يهرب منه ما لم يقع في مسجده الذي يصلي فيه، فإذا وقع في مسجده الذي يصلي فيه، فلا يصلح الهرب منه([5]).

5 ـ وعن الإمام الصادق «عليه السلام»: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كره أن يكلم الرجل مجذوماً إلا أن يكون بينه وبينه قدر ذراع، وقال: فر من المجذوم فرارك من الأسد([6]).

6 ـ وعنه «صلى الله عليه وآله»: خمسة يجتنبون على كل حال: المجذوم، والأبرص، والمجنون، وولد الزنا، والأعرابي([7]).

7 ـ وعنه «صلى الله عليه وآله»: لا يورد ذو عاهة على مُصح([8]).

8 ـ وروي: أنه «صلى الله عليه وآله» أتاه مجذوم ليبايعه، فلم يمد يده إليه، بل قال: أمسك يدك فقد بايعتك([9]).

9 ـ وروي عنه «صلى الله عليه وآله» أنه قال: لا تديموا النظر إلى المجذومين ([10]).

ونستطيع أن نستخلص مما تقدم ما يلي:

1 ـ إن التحرز من المجذوم والمصاب بالطاعون مطلوب.

2 ـ إنه لا يورد ذو عاهة على مصح.

3 ـ إن ما شاع من أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد عاب الذين فروا من الطاعون: إنما هو لفرارهم من مواقعهم الدفاعية المتقدمة في ثغورهم..

4 ـ يجوز لمن يكون في منطقة الطاعون أن يتحول عنها، إلى غيرها ما دام سليماً..

5 ـ إذا بلغ الطاعون إلى أهل مسجد، فليس لهم أن يفروا منه إلى غيره، (ربما لأن ذلك يقرِّب احتمال أن يكونوا مصابين بالمرض، وإن لم تظهر عليهم أعراضه، فيوجب ذلك انتقال المرض إلى مناطق أخرى)..

وهذا لا ينافي جواز التحول من البلد التي وقع فيها الطاعون.. فإن وقوع الطاعون في بعض أحيائها لا يبرر منع سائر الناس من التحول عنها، فإن احتمال ابتلائهم بالمرض يبدو ضعيفاً، بخلاف ما لو وصل المرض إلى بعض من في المسجد الواحد، فإن احتمال ابتلاء سائر من فيه به يكون قوياً، زيزجب الإحتياط..

 

 

([1]) سبل الهدى والرشاد ص462 عن أحمد والطبراني، وفي هامشه عن: أحمد ج1 ص175 وج3 ص416 وج5 ص373، والطبراني في الكبير ج1 ص90، وانظر المجمع ج2 ص315 والدولابي في الكنى ج1 ص100، والطحاوي في المعاني ج4 ص306 ونيل الأوطار ج7 ص374 وصحيح مسلم ج7 ص27 وسنن الترمذي ج2 ص264 وتحفة الأحوذي ج4 ص148 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص376 ومسند أبي داود الطيالسي ص28 و 87 ومسند سعد بن أبي وقاص ص138 و 144 و 145 و 186 و منتخب مسند عبد بن حميد ص81 والآحاد والمثاني ج2 ص52 والسنن الكبرى لنسائي ج4 ص362 والمعجم الكبير ج1 ص166 وج4 ص91 وج18 ص15 والإستذكار لابن عبد البرج8 ص254.

([2]) البحار ج78 ص121 عن علل الشرائع ص176 و (منشورات المكتبة الحيدرية) ج2 ص520. وراجع: التحفة السنية (مخطوط) ص339 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص430 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص645 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص171.

([3]) البحار ج78 ص121 و 122 وج108 ص82 عن معاني الأخبار ص74 و (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص254 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص171.

([4]) البحار ج6 ص122 وج78 ص122 عن معاني الأخبار ص74 و و (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص255 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص431 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص646 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص171.

([5]) البحار ج6 ص122 وج10 ص255 ومسائل علي بن جعفر ص117 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص431 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص646 .

([6]) البحار ج72 ص14 وج62 ص82 وج73 ص338 وج74 ص50 والأمالي للصدوق ص181 و (ط مؤسسة البعثة) ص378 والخصـال ج2 ص102 و (ط منشورات جماعة المدرسين) ص520 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص258 و (منشورات جماعة المدرسين) ج3 ص557 وج4 ص257 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص49 وج15 ص345 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص431 وج11 ص274 ومكارم الأخلاق للطبرسي ص235 و 436.

([7]) البحار ج72 ص15 والخصال ص287 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص50 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص432.

([8]) البحار ج27 ص277 وج61 ص85 وج62 ص82 والأمالي ج2 ص44 والطب النبوي لابن القيم ص118 و 119.

([9]) البحار ج62 ص82 وراجع: مسند ابن الجعد ص311 وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص96 والطب النبوي لابن القيم ص118.

([10]) التاريخ الصغير للبخاري ج2 ص76 ـ 77، وسنن ابن ماجة ج2 ص1172ح3543، والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص218، ومجمع الزوائد ج5 ص101، وفتح الباري ج10 ص133و 134و 136، ومسند أبي داود الطيـالسي ص339، والمصنف لابن أبي شيـبـة ج5 ص569 وج6 ص226، والذرية الطاهرة النبوية ص129، والمعجم الأوسط ج9 ص107، وناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين ص517 ح526، والجامع الصغير ج2 ص731 ح9754 وص732 ح9763، وكنز العمال ج10 ص54 ح28330 وص55 ح28339، وفيض القدير ج6 ص508 ح9754 وص511 ح9763، والكامل لابن عدي ج6 ص218، وتاريخ مدينة دمشق ج53 ص380، وإمتاع الأسماع ج8 ص27، وسبل الهدى والرشاد ج12 ص171، والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص242، والنهاية في غريب الحديث ج1 ص252، والطب النبوي لابن القيم ص116، ولسان العرب ج12 ص88. وفي متون بعضها: لا تحدُّوا..

 


  • المصدر : http://www.al-ameli.com/subject.php?id=808
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 03 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29