وردنا سؤال يقول:
السلام عليكم..
عظم الله أجورنا وأجوركم باستشهاد أمير المؤمنين عليه السلام.
في إحدى الحوارات مع إخوة موالين تطرقنا إلى موضوع عالم الذر.
وكان الإشكال: أن أحد الإخوة قال: (إن الإنسان هو من اختار حياته في عالم الذر، مثلا التاجر هو من اختار أن يكون تاجراً والنبي هو من اختار ذلك، وابن الزنا هو من اختار أن يكون كذلك)، وإنما الحياة الدنيا هي دار تطبيق لما اخترناه هناك في عالم الذر.
وقد استدل على قوله من أنه لا يمكننا أن ننسب كون ابن الزنا ابن زنا من الله تعالى، لأن الله تعالى لا يأتي بالقبيح، ثم لكي لا تكون لنا حجة على الله يوم القيامة.
فبما أننا لا ننسب هذا الاختيار القبيح إلى الله تعالى لعلمنا بعدله، نسبنا هذا الاختيار القبيح إلى أنفسنا.
السؤال الثاني :
هل هذا الكلام صحيح من أننا من اختار ما ذا سيكون منذ عالم الذر؟! وهل من روايات منصوصة بالموضوع؟ أم أن المسالة عقلية؟. مع إعطائنا المصادر لو سمحتم.
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
حضرات الإخوة الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رداً على ما جاء في رسالتكم الكريمة نقول متوكلين على الله:
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}. (سورة الأعراف الآية 172).
وجاءت الروايات لتؤيد ذلك وتشرحه وتبين: أن الله سبحانه وتعالى قد أخذ من بني آدم في عالم الذر ذريتهم، وأشهدهم على ألوهيته، ونبوة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وولاية مولانا علي أمير المؤمنين (عليه السلام). وقد شهدوا بذلك. وأخذ الله عليهم الميثاق به. وأشهد الملائكة على قبولهم لهذا الميثاق.
وقد صرحت الآية الشريفة أيضاً بأنهم سيعتذرون يوم القيامة، بأنهم قد نسوا في دار الدنيا ميثاقهم هذا، وعملوا بخلافه.
أما ما ذكره السائل الكريم من أن الإنسان قد اختار حياته في عالم الذر، وأن ما يعمله في الدنيا ما هو إلا تطبيق لما أخذ عليه في ذلك العالم، فلا نرى الآية ولا الروايات قد دلت على شيء من ذلك.
فنحن نطالبه بالدليل الذي استند إليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جعفر مرتضى العاملي |