• الموقع : سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي .
        • القسم الرئيسي : الأسئلة والأجوبة .
              • القسم الفرعي : الأسئلة القرآنية .
                    • الموضوع : الدنيا لهو ولعب .

الدنيا لهو ولعب

السؤال :

بسمه تعالى

 

قد تحدث القرآن الكريم عن الدنيا، ووصفها بأنها لهو ولعب، والسؤال هو: ما معنى أن تكون الحياة الدنيا لعباً ولهواً، أليس فيها عمل وبناء، وفشل ونجاح؟!..


الجواب :

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين.. وبعد..

أولاً: لا شك في أن الحياة الدنيا هي أدنى مستوى من الحياة الآخرة، ولأجل ذلك سميت >دنيا< في إشارة إلى سقوط منزلتها وهبوطها.. وقد قال الله سبحانه وتعالى عن الآخرة: {وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}([1])..

فالحدث الذي تراه مصوراً على شاشة التلفاز، لا يصل في مستوى تأثيره، وحكايته عن الواقع إلى مستوى رؤية الواقع بصورة حية ومباشرة.

وفي الحياة الآخرة تنكشف الحجب المؤثرة في مستوى إدراك الإنسان للحقائق، وفي تضاؤل نسبة التفاعل معها. قال تعالى {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}([2])..

ثانياً: إن قيمة كل شيء إنما هي بملاحظة ما خلق ذلك الشيء من أجله، فإذا كانت الدنيا مخلوقة لأجل التهيؤ للحياة الأخروية، والإعداد لها؛ فإذا أراد الإنسان أن يعيشها لنفسها، وأن يستبعد هدفها الحقيقي، فإنها تصبح لعباً ولهواً بكل ما لهذه الكلمة من معنى..

والتعاطي معها يصبح أشبه بتعاطي الولد مع لعبته، فإن الولد حين يلعب، لا يكون هدفه من لعبه صالحاً لأن يقصده العقلاء في سعيهم في الحياة وحين يبذلون جهداً فيها.

وكذلك الحياة الدنيا، فإنك حين تتعامل معها على أساس أنها هي كل شيء، وحين تغفل، وتسقط من حسابك  هدفها الحقيقي، فإن العمل فيها يصبح بلا هدف صالح ومرضي عند العقلاء إذ إن حكمتهم تمنعهم من صرف الوقت والجهد في سبيل لذة عابرة، وشيء زائل.

وهم يرون أن الفشل والنجاح والعمل والبناء فيها يشبه عمل الأطفال حين يلعبون، فإنهم لا يتوخون من عملهم هذا هدفاً عقلائياً، ولا هو ينتج لهم نتيجة يحسن السكوت عليها..

وقد قال تعالى: { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ}([3]).. فاعتبر سبحانه أن عدم وجود آخرة، ومثوبة وعقوبة بمثابة عمل عبثي، يجعل الحياة الدنيا غير صالحة لأن يعطيها الإنسان كل ما يملك من طاقات وكنوز أعطاه الله إياها، وكأنه لو أعطاها ذلك لاعتبره العقلاء عابثاً ولاعباً..

والحمد لله رب العالمين..

جعفر مرتضى الحسيني العاملي




([1]) سورة العنكبوت، الآية65.

([2]) سورة ق، الآية22.

([3]) سورة المؤمنون، الآية115.


  • المصدر : http://www.al-ameli.com/subject.php?id=530
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16