• الموقع : سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي .
        • القسم الرئيسي : الحوارات .
              • القسم الفرعي : حوار مع العلوي .
                    • الموضوع : حوار مع العلوي 1 .

حوار مع العلوي 1

اللاموضوعية إلى متى؟

السيد جعفر مرتضى العاملي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

وبعد..

كل منا يعلم أن ليس لكل إنسان، من كان، ومهما كان، الحق في التدخل في كل شيء، وإصدار الاحكام في مختلف الموضوعات، التي يواجهها أو يحتاج إليها هذا الكائن.. فليس للنجار أن يتكلم في المسائل الفلسفية، والكلامية، ولا لسائق التاكسي الحرية في أن يصدر أحكاماً طبية، وأن يعطي علاجات نفسية، أو اجتماعية، ولا للنحوي صلاحيات تشريع القوانين، وسن النظم والتشريعات.

وأيضاً.. ليس للصحفي أو الشاعر الحق في أن يصدر أحكاماً تاريخية، يهم أمة بأسرها كل ما يصدر عليها من أحكام..

وإلا.. فإننا إذا أعطينا الحرية لكل أحد في أن يتصدى لمعالجة قضايا، وإصدار أحكام في غير مجال اختصاصه، فإن علينا أن ننتظر أن تعود الحياة فوضى، لا يحكمها قانون، ولا يهيمن عليها نظام... وأن نتوقع الكثير من الاخطاء والانحرافات في مختلف المجالات، وعلى جميع المستويات.

وبديهي أنه كلما كانت القضايا هامة وخطيرة، وضرورية، تمس حياة هذا الكائن، وعقائده، وسلوكه.. كان الخطأ أكبر والانحراف أخطر، ولذا.. فإن كل محاولة شاذة تستهدف العبث براحة وهناء هذا الكائن – عن هذا الطريق – يجب أن تواجه بالرفض المطلق، والقوي، من مختلف الفئات، وعلى جميع المستويات، ويجب اعتبار من يقدم على عمل كهذا معتدياً، بل وحتى "جانياً" أيضاً..

وغني عن البيان هنا: أن الدعوة للتعاون والتعاضد للوقوف في وجه هؤلاء، لا يمكن أن تعتبر – بأي حال من الأحوال – دعوة شريرة، وهدامة، الهدف منها: نسف الوحدة الإسلامية، والعبث بها..

لأننا نؤمن، بل والكل يؤمن: أن الحقيقة هي التي يجب ان تكون المنطلق لوحدة الصف لهذه الأمة الإسلامية العظيمة[1]..

وهل يمكن أن يتصور أحد أن قول الحق يكون فصماً لعرى الوحدة الإسلامية؟ وسبباً في انعدام التفاهم بين المسلمين؟!!.

إن وحدة يزعزعها قول الحق، وتفاهماً يذهب به بيان الواقع لجديرة بأن لا نفرح بها وبه كثيراً، ولا أن نحزن للعبث وبها وبه كثيراً أيضاً، بل لعل عكس ذلك هو الصحيح، والصحيح جداً..

وبعد: فإننا إذا كنا نعتز بأن نجد طائفة كبيرة من المنصفين الذين لابد لنا من وقفة تقدير، وإجلال، وإكبار لكثير من مواقفهم..

فإننا نجد: طائفة أخرى تشذ عن الخط الطبيعي، وتتمرد على كل الموازين، والقيم، وتتخذ لنفسها سلوكاً، ومنهجاً، لا نظن بتلك الطبقة الواعية , والمنفتحة، والمتفهمة للحقيقة والواقع، أن تشجعهم عليه، لأنها ولاشك ترى كيف أن تلك الفئة المتمردة تحاول أن تنكر حتى أبده البدهيات، أو التشكيك بها، لا لشيء.. إلا لأن ذلك ينسجم مع رغبات نفسية تأبى إلا أن تكشف عن وجهها، وتظهر على واقعها، من وقت لآخر، ومن فترة لأخرى... تلك الرغبات، وهاتيكم الميول، التي تدفعهم لان يطرحوا على الساحة آراء جديدة، بل وحتى غريبة عن أي منطق، أو أي ميزان. لا يهمهم، ولا يعنيهم أن تكون عواقبها خيراً لهذا الإنسان، أو أن تكون شراً له..

وإذا ما استطعنا معاً – سنة وشيعة – أن نعرف أولئك الذين يكيدون للإسلام، عن قصد منهم أو عن غير قصد، فلا يختص وجوب دفعهم والتصدي لهم، بطائفة دون طائفة ولا بفريق دون فريق – تماماً كما لا يتخير الخطر الآتي من قبلهم فريقاً دون فريق، ولا طائفة دون طائفة.. حيث الهدف الأول والأساس لهم – والدوافع مختلفة – هو هدم أساس الإسلام، والقضاء على القرآن..

وقد يبدو هذا الموقف غريباً وعنيفاً، بل وحتى قاسياً أيضاً.

ولكننا إذا ما أمعنا النظر قليلاً فلسوف نجد انه يستمد عنفه وقسوته، ومراراته من نفس الحقيقة التي يعبر عنها، والواقع الذي يعالجه، فلقد كان الحق بنفسه مراً، والواقع بذاته كان مفجعاً وكيف لا يكون كذلك، ونحن نشهد في هذه السنوات الأخيرة هجوماً واسعاً، ومكثفاً من أولئك المتطفلين وهواة الشغب – خالف تعرف – واصحاب المصالح، والأغراض المعينة – هجوماً – على كل القيم والمعتقدات الدينية الضرورية، وعلى الحقائق التاريخية، تحت ستار وشعار يرون أنه يحميهم، ويدفع عنهم، وهو "حرية الرأي، وحرية التعبير عنه"، وذلك بدعوى الموضوعية، والبحث العلمي، مع أنهم في الحقيقة، إما متطفلون على الأدب، أو متطفلون على الصحافة، أو نحوها، فضلاً عن المعارف الدينية، والحقائق التاريخية، ولست ترى واحداً منهم يستحق أن يعتبر متخصصاً في هذه الموضوعات التي يحاول بحثها والتطفل عليها..

ولسنا نريد أن نذهب بعيداً هنا، ولا أن نستعرض كل تعدياتهم على القيم والمعتقدات، لأن ذلك بحث لا يتسع له المجال هنا..

وإنما نريد فقط نلفت النظر إلى ظاهرة بارزة، تستقطب معظمهم، إن لم يكن كلهم..

وهذه الظاهرة، هي ما نراه من محاولاتهم التشكيك في أبده البديهيات التاريخية، وأطرح كل الشواهد والأدلة، التي لا تنسجم مع ما افترضوه مسبقاً نتيجة لبحثهم...

فهذا محمد عبد الله عنان يتناول الصحابي الجليل، الذي لا يرتاب مسلم في إخلاصه، ووفائه لما عاهد الله عليه، والذي يعرف كل أحد مواقفه المشرفة، وثقة الصحابة به، واحترامهم له. ألا وهو "سلمان الفارسي" – يتناوله – بالتجريح، والاتهام، حتى لقد قال عنه: ".. والظاهر أنه من خصوم الإسلام الباطنيين.." تناسياً او مكذباً للنبي الذي يقول – حسب رواة جهابذة وحفاظ أهل السنة – سلمان منا أهل البيت... فلعل محمد عبد الله عنان أفهم وأعرف من النبي(ص)، الذي لم يكن ينطق عن الهوى.. وأعرف بسلمان من كل الصحابة، الذين عاش بينهم، وعرفوه عن كثب..

إن من الواضح: أن فشل "عنان" في العثور في كل تاريخ سلمان الطويل على أدنى مخالفة، ولا رأي فيه مغمزاً لقوله، ولا محلاً لريبة وأيضاً كون سلمان من اصل غير عربي هو الذي دعاه لان يصمه بهذه الوصمة، ويفتري عليه هذه الفرية، غير مقيم وزناً لكل الحقائق التاريخية، التي لا يكاد يرتاب فيها أحد..

ولقد سمعنا ورأينا من قبل الحملات الشعواء على مالك الأشتر، الذي وصفه ابن حجر في صواعقه بـ "المارق"[2] غير مقيم وزناً لمكانته من الإمام علي عليه السلام، ولا لما وصفه به في كتبه عليه السلام إليه، ومواقفه معه، حتى ليقول فيه على ما نقله ابن ابي الحديد "رحم الله مالكاً، ولقد كان لي كما كنت لرسول الله(ص)".. ووصفه أيضاً بأنه: "سيف من سيوف الله، لا نابي الضريبة، ولا كليل الحد الخ..".

وعندما بلغه موت الأشتر قال وهو يتلهف، ويتأسف: "لله در مالك، وما مالك؟! لو كان من جبل لكان فندا، ولو كان من حجر لكان صلداً، والله ليهدمن موتك عالماً، وليفرحن عالماً. وعلى مثل مالك فلتبك البواكي، وهل مفقود كمالك؟ وهل موجود كمالك؟!" إلى غير ذلك مما لا مجال لنا هنا لاستقصائه..

ولو أن الأشتر كان له موقف آخر من العرش الأموي، فلاشك أن الموقف منه سيكون مختلفاً تماماً عما هو عليه الآن..

وأبو ذر أيضاً لم يسلم من ذلك، حتى لقد صور – والمصور له هو محمد جلال كشك[3] - بصورة إعرابي لا يفقه، ولا يعقل شيئاً، لم يتأدب بآداب الإسلام، ولا استفاد من أخلاقياته شيئاً ذا بال... فهو جلف، جاف، قاس، بلغ من جفائه أن النبي (ص) يتضايق منه، وحتى لقد قال له في إحدى المناسبات "طف الصاع!! طف الصاع" ومرة أخرى يقول له " أما ذهبت عنك إعرابيتك " وهو ضعيف لا يصلح لأن يتحمل أية مسؤولية وهو لا يحسن شيئاً، اللهم إلا الشتائم والإهانات للآخرين، الذين كانوا يقابلون ذك منه – ومنهم أبو الدرداء! – بالخلق السامي، والادب الرفيع... هذا فضلاً عن أنه كان بذاءً فحاشاً، يواجه النساء بكلام " لا يمكن لكاتب معاصر أن يذكر ألفاظه، ولا يترك لسامعه أو سامعته مخرجاً للتأويل، أو ادعاء شبهه في الفهم، أو مجالاً للاعتذار عن قصد قائله.."[4].

إلى غير ذلك من الأمور التي حاول إلصاقها به، والإهانات التي وجهها إليه.

هذا.. ونرى هذا الكاتب يمهد مقدمات من نوع معين، من أجل أن يصل إلى نفي الحقيقة التاريخية الهامة، ألا وهي قضية نفي أبي ذر إلى الربذة من قبل الخليفة الثالث عثمان.. هذه الحقيقة التي لا تزال تزعجه، وتزعج كل من هم على شاكلته وينسجون على منواله.. إنه يريد نفيها ولا أقل التشكيك فيها بأي ثمن، حتى ولو استلزم ذلك أن تضرب كل الأدلة القاطعة، والبراهين الناصعة عرض الجدار. ونأمل أن نوفق في مناسبة أخرى للحديث عن هؤلاء الصفوة، الذين تحاول الأيدي الأثيمة وضع علامات استفهام حول إخلاصهم، وحول سلوكهم، وكل قضاياهم، ومشاكلهم..

بل لقد تجاوز الأمر هؤلاء جميعاً.. ووصلت النوبة إلى "أهل الكساء" أنفسهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً..فنرى بعض الباحثين اليوم – ومنهم الدكتور أحمد شلبي – لا يرى للحسين (ع) ميزة على يزيد إلا بأنه ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال هذا الدكتور وهو يتحدث عن خصوم يزيد، وهل إنهم كانوا أكفأ منه:

".. وأما الحسين بن علي، ففضله انه من الأرومة الطيبة، وأنه قريب النسب بالمصطفى صلوات الله عليه، وفيما عدا ذلك لا يثبت له التاريخ مفاخر سياسة، وإدارية متعددة، أو بارزة، تجعله يفضل غيره ( المقصود بهذا الغير هو يزيد، لأنه في مقام بيان التفاضل بين يزيد وخصومه ) في حمل هذا العبء. ولعله أخطأه التوفيق حينما قبل دعوة أهل العراق، الخ..[5]".

وقال في موضع آخر بعد أن تأسف لأن بعض تصرفات الحسين لم تكن مقبولة: " ويظل الحسين يتقي السهام والضربات بأولاده، وأهله، وصحبه، حتى خروا جميعاً بين يدي الله! قد تكون ولاية يزيد العهد عملاً خاطئاً، ولكن هل هذا هو الطريق لمحاربة الخطاء والعودة إلى الصواب؟[6]".

وأما عن الإمام الحسن، فيقول الدكتور أحمد شلبي أيضاً:

"على أن صفات الحسن لم تكن تهيؤه للخلافة، فلم تكن له ميزة أعظم من أنه ابن علي بن أبي طالب، وتلك لا تكفي قطعاً لنيل تلك المكانة، فلم يكن للحسن علم أبيه، ولم تكن له بطولة أبيه، ولم تكن له سابقة أبيه، ومع هذا غلبت أباه الأحداث فأنّى للشاب المزواج المطلاق، الذي يروى أنه تزوج مئة امرأة أن يملأ هذا الفراغ، لقد كان يجر على أبيه المتاعب، ويخلق له الأعداء، بسبب كثرة الزواج والطلاق، حتى أوصى (علي) الناس أن لا ينكحوه بناتهم، فيكف يستطيع الحسن أن يقود الناس، ويوجه الأمور؟.."[7].

وهكذا.. فلم يكن للحسين ميزة على يزيد إلا أنه ابن بنت رسول الله(ص).

أما أن له مؤهلات قيادية أو إدارية تفضل مؤهلات يزيد، فذلك لم يثبت، إن لم يثبت العكس من ذلك... ولقد أخطأه في ثورته على الظلم، والطغيان، وكان يتقي باولاده وأهله وصحبه السهام والضربات..

وأما الحسن فكذلك أيضاً، بالإضافة إلى أنه إنسان مبتذل، يطارد النساء ولا همّ له سواهن، وكان بذلك يخلق لأبيه الكثير من المتاعب والمشاكل، حتى أوصى علي الناس بأن لا يزوجوه...

هذا حال الإمام الحسن والإمام حسين في نظر الدكتور أحمد شلبي وإضرابه.. ولننظر الآن إلى ما يقولونه عن أمهما الزهراء بضعة الرسول (ص).

إنهم يقولون عنها ببساطة إنها ليست إلا امرأة من بنات آدم، وليست بواجبة العصمة. على حد تعبير ابن كثير[8].

".. ولم يعرف لها نشاط ديني، ولا سياسي، إلا أن الشيعة أحاطوها بهالةٍ تبجيل خاصة، ونسجوا حولها أقاصيص كثيرة، فقالوا إنها روح الله، وسموها " البتول " وفضلوها على عائشة، وأطالوا في بيان فضائلها وخصائصها، وقصروا عليها، وعلى بنيها اسم "أهل البيت" و "أصحاب الكساء"..[9].

بل لم يسلم حتى علي عليه السلام من الإهانة والتجريح، وحدث عن مواقف الناس المختلفة منه ولا حرج..

وبعد.. فإننا ننتظر أن نرى، ونسمع الإهانة والتجريح في شخص النبي(ص) بسبب مواقفه من أهل الكساء، ومن أبي ذر، وسلمان وغيرهم.. وليس ذلك ببعيد على هؤلاء المتفرنجين المتحذلقين..

وبعد:

فهل ترى قارئي العزيز: أن السبب في ذلك لا يقتصر على ما يبدو للوهلة الأولى من السطحية، أو إرضاء رغبات نفسية، كحب الظهور، أو المتاجرة بالقيم والمثل والحقائق التاريخية، والموضوعية، ونحو ذلك.. بل إن السبب ليتعدى ذلك إلى ما هو أبعد منه بكثير.. إنه يتصل بشخص علي.. وبعلي فقط..

فعلي، وكل أهل بيته، وكل شيعته، ومحبيه، وكل مواقفهم، يجب أن ينظر إليها بمنظار أسود، يشوهها، ويقضي على كل ما فيها من حيوية، وإشراق، واصالة.

يجب أن يوضع علي دائماً في موضع النقد والتجريح، ولا يجوز أن يبقى له، ولا لأي من المنتسبين إليه أية قدسية، أو أية فضيلة، كل ما لهم يجب أن ينسف، أو يكون في مهب الريح.. وليستدل من ثم بالمواقف المائعة، والمبتذلة والوصمات الشنيعة، و... إلى آخر ما هنالك حتى وإن كذبت ذلك كل الشواهد والحقائق التاريخية، والموضوعية، والوجدانية،.. بل وحتى ولو لزم منه التكذيب للنبي نفسه وللقرآن الذي ينص على ان الله قد أذهب عنهم الرجس أهل البيت وطهرهم تطهيراً..

أما الفريق الآخر، ومن هم في الجهة الأخرى، وهم مناوؤا علي، وأعداؤه وأعداء أهل بيته وشيعته ومحبيه.. حتى يزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف، وغيرهم من أمويين وعباسيين.. أما هؤلاء فلابد من رفعهم – إن أمكن – إلى السماء السابعة، وجعلهم في مصاف الملائكة، ولابد من تبرير كل ما يرتكبون، وتصحيح وتوجيه كل ما يفعلون.. ولابد من التماس الحجج والمبررات لهم، وإن خالفت كل الادلة القاطعة، والبراهين الناصعة، التي تدينهم، وتكشف بما لا مجال معه للشك عن حقيقتهم وواقعهم.. بل وحتى ولو خالفت محمداً والقرآن، وكل المثل والقيم الرفيعة..

وهذا أنت.. جرب.. وتكلم عن أبي هريرة، أو عن كعب الأحبار أو النعمان بن بشير.. ومن هو على شاكلتهم.. بل وتكلم عن عمرو بن العاص، وطلحة، والزبير، ويزيد بن معاوية بن أبي سفيان.. وعن أبي سفيان، وإضرابهم.. تكلم عنهم بما هو فيهم، وبما لا يشك أحد في صدوره منهم.. جرّب ذلك.. فإنك سوف تواجه ألف عاصفة وعاصفة تهب في وجهك، ولسوف ترى أن كل شيء أصبح فما يتكلم في سبك، وفي اتهامك، وتهجين كل ما يصدر منك، أو يرتبط بك، مهما يكن حقاً، ومهما كان حقاً، ومهما كان صدقاً!!..

وما ذلك إلا لأن العرش الأموي هو الذي كان يمتلك زمام السلطة لفترة من الزمن.. والسلطة – حتى ولو كانت سلطة إبليس – يجب عند هؤلاء احترامها وتقديسها في حال الحياة وفي حال الممات على حد سواء.

وما ذلك إلا لأن في الجهة المقابلة علي وشيعته ومحبوه وإن كان من بينهم محمد(ص) والأنبياء والمرسلون والملائكة المقربون.

وهكذا.. تكون النتيجة هي ان ذنب الأشتر وسلمان وأبي ذر وأضرابهم هو ارتباطهم بعلي خاصة، وبأهل البيت عامة.. وهل ثمة ذنب يكون اعظم من هذا؟!!

ولو ان هؤلاء أنفسهم كانوا من أعوان الجهة المناوئة لعلي، وأهل بيته، - من بني أمية – لرأيت لهم من التعظيم والتبجيل ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولنسب إليهم من الفضائل والكرامات ما يجعلهم في عداد الأساطير.. هذا.. إن لم يوجد من يقول بنبوتهم، او بألوهيتهم، كما قالوا بذلك بالنسبة لمعاوية، وولده يزيد وبعد ذلك بالنسبة للمنصور وأمثاله..

وختاماً.. فلابد وأن نقول هؤلاء، ولهؤلاء فقط، لا لأبي ذر:

اللهم.. إنا نعاهدك على أن نقول الحق، كل الحق.. وللحق وأن نقف في وجه هذه الفئة، ونعيدها إلى جحورها، التي خرجت منها.

اللهم.. لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب..

21/جمادي الثاني/1391ﻫ.

جعفر مرتضى العاملي

 

 


[1] لا يكاد يشك أحد في أن هذه الاختلافات بين المذاهب الأربعة: عقائدياً وفقهياً كبيرة وعميقة جداً، ولكنها مع ذلك قد اعتبرت خلافات في الرأي بين المجتهدين، وأن هدفهم كلهم هو الحقيقة، أخطأها من أخطأها، وأصابها من اصابها بل قد أصابوها جميعاً، لان بعض أهل السنة قائلون بالتصويب في الأحكام، ولا يجب بل لا يجوز أن تؤثر على سلوك المتمذهبين بها، كل منهم تجاه الآخر.

ولعل الاختلاف بين أهل السنة والشيعة لا يزيد على اختلافات المذاهب الأربعة فيما بينها إن لم ينقص فلماذا لا ينظر إليه بنفس المنظار، ويعامل الشيعة بنفس المعاملة؟!..

[2] الصواعق المحرقة ط سنة 1312 ص38.

[3] راجع: أبو ذر والحق المر.

[4] أبو ذر والحق المر ص20.

[5] التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ج2 ص49.

[6] المصدر السابق ص201/202.

[7] المصدر السابق ص35/36.

[8]  راجع: البداية والنهاية ج5 ص249-250و289.

[9] الموسوعة العربية الميسرة ص1267.

 

 


  • المصدر : http://www.al-ameli.com/subject.php?id=239
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19