• الموقع : سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي .
        • القسم الرئيسي : الأسئلة والأجوبة .
              • القسم الفرعي : الأسئلة العقائدية .
                    • الموضوع : الحكمة من تنصيب الإمام.. .

الحكمة من تنصيب الإمام..

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم..

سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي دامت بركاته..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرفع إلى مقامكم العالي السؤال والإستفسار الآتي، ونأمل من سماحتكم الإجابة والتوضيح والتوجيه في الفهم..

إعتقادنا بالإمامة والعصمة في مدرسة أهل البيت «صلوات الله عليهم»: أنه بوجود الإمام المعصوم يكون الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعد من الفساد والتفرق، وأن الإمام يبين مفاهيم القرآن الكريم، ويبين مقاصده، وهو حامل ومبلغ للعلوم النبوية والأحكام الشرعية، وهو مصان من كل خطاء وزلل، ومعصوم من كل ذنب للقيام بوظائف النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله»، فهل الحكمة من تنصيبه:

1 ـ هو نقل الدين والأحكام الشرعية، والقيام بكل وظائف ومهام النبي «صلى الله عليه وآله» بمقتضي عصمته إلى العالم كله.. إلى العراق واليمن والصين بنفسه إلى الناس كافة؟!

2 ـ أم عن طريق النقل والواسطة من الأصحاب والأتباع الثقاة، إن كان بنفسه فهذا لم يحدث ولم يتسنى له ذلك، وإن كان عن طريق النقل والواسطة من الأصحاب والأتباع الثقاة، فهم غير معصومين، وقد بلغ الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» بهذه الطريقة، فما فائدة الإمام المعصوم؟! ولماذا لا نكتفي بالمنقول عن الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» وقد ثبت عنه قوله: بلغوا عني ولو آية؟! وقد أرسل وهو في مكة نائب عنه إلى المدينة المنورة ـ مصعب بن عمير ـ ليعلم الناس أحكام الدين والقرآن الكريم والمعارف الإسلامية، وكذلك أرسل إلى اليمن معاذ بن جبل لنفس الغرض، وأرسل إلى القبائل بعض الأتباع لتعليمهم القرآن الكريم كما في حادثة بئر رومة، وكل هؤلاء غير معصومين في التبليغ، ولا منصبين من الله سبحانه وتعالى..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..


الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

وبعد..

إن الوسائل الذي استفاد منها الائمة الطاهرون «عليهم السلام» في تبليغ الدين هي نفس الوسائل التي استفاد منها رسول الله «صلى الله عليه وآله» الذي هو مبعوث للعالمين في هذا الأمر..

وقد استفاد النبي «صلى الله عليه وآله» من الوسائل العادية.. ولا شيء يثبت أنه «صلى الله عليه وآله»، وكذلك الأئمة الطاهرون «عليهم السلام» لم يستيفدوا من وسائل غير عادية.. ولو من وسيلة طي الأرض لهم. كما حصل بالنسبة لقدوم علي «عليه السلام» إلى المدائن ليصلي على سلمان الفارسي. وقدوم السجاد إلى كربلاء لدفن أبيه «عليهما السلام»، وحضور الإمام الجواد إلى خراسان لدفن أبيه الإمام الرضا «عليهما السلام».

وقد يستفاد مما روي للأئمة من معجزات: أن ثمة وسائل أخرى استفادوا منها «عليهم السلام» في الاتصال بشعوب الأرض.

ومن شواهد ذلك: ما روي، من أن الرشيد كان يتقدم إلى خدمه إذا خرج موسى بن جعفر من عنده أن يقتلوه ، فكانوا يهمون به فيتداخلهم من الهيبة والزمع، فلما طال ذلك أمر بتمثال من خشب وجعل له وجها مثل وجه موسى بن جعفر، وكانوا إذا سكروا أمرهم أن يذبحوها بالسكاكين ، وكانوا يفعلون ذلك أبدا ، فلما كان في بعض الأيام جمعهم في الموضع ، وهم سكارى ، وأخرج سيدي إليهم فلما بصروا به هموا به على رسم الصورة .

فلما علم منهم ما يريدون كلمهم بالخزرية والتركية ، فرموا من أيديهم السكاكين ، ووثبوا إلى قدميه فقبلوهما ، وتضرعوا إليه ، وتبعوه إلى أن شيعوه إلى المنزل الذي كان ينزل فيه، فسألهم الترجمان عن حالهم فقالوا : إن هذا الرجل يصير إلينا في كل عام ، فيقضي أحكامنا ، ويرضي بعضا من بعض ، ونستسقي به إذا قحط بلدنا ، وإذا نزلت بنا نازلة فزعنا إليه ، فعاهدهم أنه لا يأمرهم بذلك فرجعوا ([1]) .

وثمة نص آخر يقرب من هذا يقول:  أن الرشيد لما أراد أن يقتل الإمام موسى بن جعفر عليه السلام عرض قتله على سائر جنده وفرسانه فلم يقبله أحد منهم، فأرسل إلى عماله في بلاد الإفرنج يقول لهم: التمسوا لي قوماً لا يعرفون الله ورسوله، فإني أريد أن أستعين بهم على أمر، فأرسلوا إليه قوماً لا يعرفون من الاسلام ولا من لغة العرب شيئاً، وكانوا خمسين رجلاً، فلما دخلوا إليه أكرمهم وسألهم من ربكم؟ ومن نبيكم؟

فقالوا: لا نعرف لنا رباً ولا نبياً أبداً.

فأدخلهم البيت الذي فيه الإمام «عليه السلام» ليقتلوه، والرشيد ينظر إليهم من روزنة البيت، فلما رأوه رموا أسلحتهم، وارتعدت فرائصهم، وخروا سجداً يبكون رحمة له، فجعل الامام يمر يده على رؤوسهم ويخاطبهم بلغتهم وهم يبكون.

فلما رأى الرشيد خشي الفتنة وصاح بوزيره أخرجهم وهم يمشون القهقري إجلالاً له، وركبوا خيولهم ومضوا نحو بلادهم من غير استيذان([2]).

فلولا أنه «عليه السلام» كان يتصل بهم، ويصل إليهم بوسائل غير عادية، لم يمكن تفسير هذا الأمر، فإن السفر إلى تلك البلاد النائية قد يحتاج إلى أشهر للذهاب والإقامة والإياب، ولا نجد في تاريخ الأئمة ما يشير إلى غيبات طويلة لهم «عليهم السلام» كما تقدم، ولا سيما في سنوات سجنه «عليه السلام».

وهناك أحاديث تدل على أن علياً «عليه السلام» ركب السحاب، فدارت سبع أرضين([3])

وكان يقال: طلع علي في السحاب.

وقد روي عن جابر الأنصاري: أنه افتقد علياً فلم يره أياماً، وكان في سفر، فرآه حين عودته وقد جاء في سحاب من نور فسأله عن سفره فأخبره.([4])

ولعل رحلات الإسراء المتكرر إلى الكوفة وطور سيناء، وبيت المقدس، وكذلك رحلات المعراج الذي ورد في بعض الروايات: أنها بلغت مئة وعشرين معراجاً، وكذا ما ورد من حصول المعراج أيضاً لأمير المؤمنين «عليه السلام» ـ لعل ذلك ـ يصلح شاهداً أيضاً على ما نقول.

والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين..

جعفر مرتضى العاملي


([1]) راجع: مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج 3 ص 418 ومدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ج 6 ص 426 و بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج 48 ص 140.

([2]) بحار الأنوار ج 48 ص 249.

([3]) راجع: مدينة المعاجز ج 1 ص 544.

([4]) راجع: بحار الأنوار ج 39 ص 148 و149 عن تفسير فرات.


  • المصدر : http://www.al-ameli.com/subject.php?id=363
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 10 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 7