||   الموقع بإشرف السيد محمد مرتضى العاملي / پايگاه اينترنتى تحت اشرف سيد محمد مرتضى عاملي مي‌باشد   ||   الموقع باللغة الفارسية   ||   شرح وتفسير بعض الأحاديث..   ||   لقد تم افتتاح الموقع أمام الزوار الكرام بتاريخ: 28/جمادی الأولی/ 1435 هـ.ق 1393/01/10 هـ.ش 2014/03/30 م   ||   السلام عليكم ورحمة الله.. أهلاً وسهلا بكم في موقع سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي.. نود إعلامكم أن الموقع قيد التحديث المستمر فترقبوا المزيد يومياً..   ||  



الصفحة الرئيسية

السيرة الذاتية

أخبار النشاطات والمتابعات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

المؤلفات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الأسئلة والأجوبة

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

التوجيهات والإرشادات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الحوارات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

النتاجات العلمية والفكرية

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الدروس

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الصور والتسجيلات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مركز نشر وترجمة المؤلفات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مختارات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مركز الطباعة والنشر

شريط الصور


  • ابن عربي سني متعصب غلاف
  • رد الشمس لعلي
  • سياسة الحرب غلاف
  • زواج المتعة
  • الولاية التشريعية
  • كربلا فوق الشبهات جديد
  • علي ويوشع
  • طريق الحق
  • توضيح الواضحات
  • دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ط ايران
  • تخطيط المدن في الإسلام
  • تفسير سورة الماعون
  • تفسير سورة الكوثر (التاريخ العربي)
  • تفسير سورة هل أتى
  • تفسير سورة الناس(التاريخ العربي)
  • تفسير سورة الكوثر
  • تفسير سورة الفاتحة (التاريخ العربي)
  • السوق في ضل الدولة الإسلامية
  • سنابل المجد
  • سلمان الفارسي في مواجهة التحدي
  • الصحيح من سيرة الإمام علي ج 3
  • الصحيح من سيرة الإمام علي
  • صفوة الصحيح فارسي
  • رد الشمس لعلي
  • كربلاء فوق الشبهات
  • اكذوبتان حول الشريف الرضي
  • منطلقات البحث العلمي
  • مختصر مفيد
  • المقابلة بالمثل
  • ميزان الحق ط 1
  • ميزان الحق (موضوعي)
  • موقف الإمام علي (عليه السلام) في الحديبية
  • المراسم والمواسم _ إيراني
  • المواسم والمراسم
  • مقالات ودراسات
  • مأساة الزهراء غلاف
  • مأساة الزهراء مجلد
  • لماذا كتاب مأساة الزهراء (عليها السلام)؟!
  • لست بفوق أن أخطئ
  •  خسائر الحرب وتعويضاتها
  • علي عليه السلام والخوارج
  • ظاهرة القارونية
  • كربلاء فوق الشبهات
  • حقوق الحيوان
  • الحاخام المهزوم
  • الحياة السياسية للإمام الجواد
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع سيرة
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع ايران
  • الحياة السياسية للإمام الرضا ع
  • إدارة الحرمين الشريفين
  • ابن عباس ـ ايران
  • ابن عربي سني متعصب
  • ابن عباس وأموال البصرة
  • دراسة في علامات الظهور مجلد
  • بلغة الآمل
  • براءة آدم (ع)
  • بنات النبي أم ربائبه غلاف
  • بنات النبي أم ربائبه
  • عرفت معنى الشفاعة
  • الصحيح1
  • الصحيح 2
  • الصحيح8
  • الجزيرة الخضراء
  • الجزيرة الخضراء
  • الصحيح
  • الغدير والمعارضون لبنان
  • الغدير والمعارضون
  • الأداب الطيبة المركز
  • الآداب الطبية في الإسلام
  • البنات ربائب
  • علامات الظهور
  • علامات الظهور قديم
  • أحيو امرنا
  • أهل البيت في آية التطهير
  • افلا تذكرون
  • ابوذر
  •  بنات النبي (صلى الله عليه وآله) أم ربائبه؟!
  • الإمام علي والنبي يوشع
  • براءة آدم (ع)
  • الغدير والمعارضون
  • الإمام علي والخوارج
  • منطلقات البحت العلمي
  • مأساة الزهراء عليها السلام

خدمات

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا





  • القسم الرئيسي : المؤلفات .

        • القسم الفرعي : المقالات والأبحاث .

              • الموضوع : الباحث التاريخي .

الباحث التاريخي

مقابلة مع مجلة بقية الله العدد 54 السنة الخامسة ـ بيروت.


من أين ينطلق الباحث التاريخي؟

الباحث التاريخي كأي باحث آخر، إنما يبحث عن الحقيقة، ويهتم بإبرازها بالحلة التي تليق بها، وكل باحث منصف، إذا واجه أي مشكلة على الصعيد العلمي والعملي، سواء في حقل التاريخ أم في الاعتقاد أم في التفسير أم في أي حقل آخر. فإنه ينطلق لحلها من خلال ما يتوفر لديه من معطيات، يستطيع بواسطتها أن يضع لها الحلول المناسبة التي يرى أنها هي الأقرب إلى الواقع، وهي الأصح، والأكثر ثباتاً أمام النقد.

وليس لدى الباحث التاريخي أية وسائل تختلف عما لدى غيره من الباحثين فكل الوسائل التي يتوسل بها الباحثون في العلوم الإنسانية لإحقاق الحق، وإبطال الباطل، وإبعاد المزيّف، وتنقية الفكرة؛ أية فكرة كانت، كل هذه الوسائل قد يحتاجها الباحث التاريخي.

فقد يحتاج إلى وسائل البحث في علم التفسير، وإلى وسائل البحث في  الشؤون الاعتقادية، وإلى وسائل البحث في الجغرافيا، ووسائل البحث في أي علم إنساني، باعتبار أن هدفه الأساس، هو الكشف عن دور وتأثيرات الكائن البشري في الواقع الخارجي. وهذه التأثيرات تختلف وتتفاوت، فربما تصب في خانة التكوين الاجتماعي، أو التكوين النفسي، أو الرؤية والفهم لواقع وحقيقة إنسان ما، أو مجتمع ما، أو تصب في خانة التحولات والتقلبات الطبيعية التي مرت على أمة من الأمم، أو شعب من الشعوب وتأثرت أو تأثر بها، ومن خلال هذا التأثير تنطلق هي لتمارس سلوكاً، أو لتسجل موقفاً على أساس هذه الخلفية التي نشأت من خلال التأثر بالأحداث.

إذن فليس لنا أن نحدد للباحث التاريخي نقطة للبدء؛ لأن كل النقاط مرشحة لأن تكون هي البداية لمعالجة ما يريد معالجته، ويريد أن يعرف الصحيح من غير الصحيح فيه، فهو إنما ينظر في العناصر المكونة لهذا الحدث، والمؤثرة فيه، والناتجة عنه، ولكل عنصر جذوره في نهج آخر أو في علم آخر أو جو آخر، الأمر الذي يدفع به إلى أن يلاحق هذه الجذور، ويبحث عنها ويكتشفها.

إذن فقد يضطر الباحث التاريخي لأن يمارس دور الباحثين في علوم ومجالات أخرى، حتى بالنسبة لقضية واحدة يواجهها، لأن هذه القضية كما قلت قد ترتبط بالتكوين الفكري وقد ترتبط بالتكوين النفسي، أو الحالات الروحية للإنسان، وقد ترتبط بوضع معين في العلاقات السياسية، أو لها ارتباط في النواحي العقائدية وما إلى ذلك.

السؤال:

فهل نستطيع أن نقول: إن نقطة البدء هي طلب الحقيقة؟

الجواب:

أحسنتم يمكن هذا بل هذا هو الأساس.

السؤال:

ما هي عناصر البحث التاريخي؟ وعناصر النجاح للباحث ؟ نريد التحديد.

الجواب:

قد أشرت إلى ما يرتبط بهذا السؤال، وقلت: إن عناصر البحث التاريخي لا يمكن تحديدها بجهة معينة فقد يكون المؤثر في الحدث الإنسان نفسه، بسبب دوافع شهوانية أو بسبب طموحات باطلة وقد تنشأ من دوافع غريزية معينة، أو من رؤية خاصة للحياة وللكون، وقد تنشأ من عوامل طبيعية، فلا يمكن أن نقول إذن: إن المفروض بالباحث التاريخي هو أن يقتصر على وسائل محددة في مجالات بحثه، لأنه ـ وكما قلت ـ قد يضطر إلى استخدام كافة الوسائل لاكتشاف الحقيقة بكل خصوصياتها وبكل مفرداتها الصغيرة والكبيرة، باعتبار أن هذا الإنسان مؤثر في هذا الكون ومتأثر به أيضاً، ولا ينحصر التأثر في ناحية ما وفي خصوصية بعينها. السؤال:

النقطة التي ينطلق منها والعناصر التي يستخدمها الباحث، هل هي التي تؤثر بنجاحه وبفشله مباشرة؟

الجواب:

هذه قضية ترتبط بمدى قدرة الباحث على تشخيص طبيعة المفردات التي يواجهها، والتي تمكنه من التعرف على الوسائل التي تنفع في كشف الحقيقة فيها، ثم العمل على الوصول إليها والحصول عليها.

مثلاً حينما يكون الباحث باحثاً إسلامياً فيعرف أن هناك ثورة حقيقية في عالم المفاهيم، وفي العقائد، وفي بناء الإنسان، حدثت ببعثة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلابد أن يبحث في كثير من القضايا التي ليس لها خصوصية تاريخية مئة في المئة، إذ إن الإسلام قد جاء ليمارس صناعة الإرادة لهذا الإنسان الذي كثيراً ما يخضع للمتغيرات التي تطرأ على الفكر، وعلى المفاهيم، وعلى الحالات النفسية له، كما أن كثيراً من القضايا قد تكون خاضعة لمتغيرات الطبيعة، فلو حصل زلزال ما في بلد ما؛ فإنه قد يؤثر في البنية الاجتماعية فتنشأ عنه مشكلات إنسانية حين يتسبب بدمار منطقة كبيرة، فلهذا التدمير آثاره على روحية الناس وفي البنية الاجتماعية التي ستنشأ على أنقاضه، كما أن له آثاره في العمل السياسي، وفي الشعارات السياسية التي ربما تتأثر بنتائج الزلزال.

إذن فقد يؤثر هذا الزلزال في كثير من تصرفات المجتمع وفي كثير من توجهاته وحالاته، وربما ينشأ عنه وضع اقتصادي معين، له تأثيره في صنع الحدث، وفي اهتمامات الناس، وفي حركتهم، إذاً فلا نستطيع نحن أن نفرض  على أي باحث أن يعتمد في بحثه وسيلة بخصوصها، بل ربما يضطر لأن يبحث في كثير من الأمور التي قد نجدها في ظاهر الأمر بعيدة عن القضايا التاريخية مع أن هذه القضايا التاريخية قريبة منها في واقع الأمر، ولها مساس مباشر فيها أحياناً. وهذا أمر طبيعي جداً.

والخلاصة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحدث تغييراً جذرياً في عالم المفاهيم، والعقائد، وفي البنية الاجتماعية، والسياسية، وفي التركيبة القبلية والعشائرية، والأسرية، وفي كل شيء، فلابد للباحث التاريخي أن يستفيد من هذا كله، كوسائل لكشف الحقائق، إذ لا يمكنه فصل الحدث عن التحولات التي نشأت، أو التي ربما أثرت في نشوئه، أو أصبحت الحضن الدافئ الذي نشأ وترعرع فيه..

السؤال:

ما هي المعوقات التي يواجهها الباحث ؟

الجواب:

المعوقات التي يواجهها الباحث تكون أحياناً من داخل ذاته، وأخرى من خارجها، ومعنى ذلك أنها قد تكون ناشئة عن أن رؤيته غير متكاملة، ربما لأنه لم يستوعب كثيراً من القضايا التي تؤهله لأن يفهم الحدث، ويتعامل معه بسلامة وبدقة، ولا يؤهله ما حصل عليه لأن يلاحق المؤثرات والنتائج الحقيقية، وطبيعة وجزئيات الظروف التي نشأ الحدث في محيطها، فيكون هذا معوقاً داخلياً له، من حيث إن ذلك يفقده القدرة على أن يواجه الحدث بشمولية، وعمق، ودقة، وبانفتاح وبمرونة أيضاً. كما أن كثيراً من الناس ربما يواجهون الحدث بنوع من الجفاء والقسوة، وبالنهج الأكاديمي الجاف جداً، الذي لا يقبل الانعطاف ولا يستجيب لما تقتضيه الحالات الإنسانية، التي كان لها تأثيرها في كثير من الأحيان في صنع الحدث. وهذا معوّق داخلي آخر أيضاً..

وهناك معوقات خارجية تأتي من خارج روح وعقل الباحث، ومن خارج الوسائل التي تتوفر لديه، وذلك من قبيل التزوير المتعمد الذي لابد من اكتشافه من خلال التعرف على الشواهد الدقيقة التي تعنى بنقل الحدث كما هو، وإن كانت قد تختلف في التعرض للخصوصيات وللتفاصيل، كمن يروي لك الحدث ـ وهو صادق ـ بطريقة تختلف عما يرويه لك ذاك وهو صادق أيضاً، وقد يكون السبب في الاختلاف هو الاختلاف في المستوى الفكري للناقل، أو بسبب عوامل جعلته يلتفت لأمور لم يلتفت إليها الآخر، بل التفت إلى غيرها.

فكل منهما قد تلقى الحدث بملكاته، وبوعيه المنبثق من داخل ذاته، ومن داخل فكره، وبما ينسجم مع حالاته وتوجهاته، ففهم كثيراً من المؤثرات والنتائج من خلال ما يعيشه هو، ومن خلال مستواه الفكري، والروحي، والنفسي، ومن خلال ثقافته، والمحيط الذي نشأ الحدث فيه.

وأحياناً تنشأ من خلال هذه النقول مفارقات ترجع إلى أهداف سياسية أحياناً، ومصلحية أحياناً أخرى، كما أن كثيراً من القضايا التي يعيشها الناقل نفسه تنعكس على ما ينقله، وعلى مستوى الدقة فيه، وعلى ما يريد ويختار هو أن يظهره وما يختار أن يخفيه، ولذا يحتاج الباحث إلى مهارة فائقة لاستخراج الخصوصيات ليس من خلال الناقلين فقط، وإنما من خلال فهمه لمحيط الحدث ولمناشئه، وإنما يتم ذلك بقراءة نصوص أخرى، وبالاستناد إلى فهم عام للسياسات والتوجهات، والحالات الاقتصادية، والنفسية للمجتمع.

كما أن مما له دور في الإعاقة التي نتحدث عنها هو قلة المواد أحياناً أو في وجود خلل في رؤية الباحث أحياناً أخرى وقد يكون السبب هو عجزه عن استشراف مختلف النصوص التي تصب في الاتجاه الصحيح..

أضف إلى ذلك: أنه قد يكون هناك حدث يحتاج فهمه إلى دراسة تاريخ حقبة، والاطلاع على الحياة السياسية، والاقتصادية، والتطور الاجتماعي والمفاهيم التي كانت سائدة لدى الناس آنذاك، وإهمال هذه النواحي قد يجعل الباحث في موقع العجز عن إعطاء النتائج الصحيحة.

إن مشكلتنا في البحوث التاريخية هي أنها ليست كسائر البحوث، بل البحث التاريخي ولاسيما إذا كان تاريخاً للبشر وللناس بما هم بشر وبما هم ناس، هو الأصعب على الإطلاق، ومن يريد أن يكون باحثاً حقيقياً، ويرضي في بحثه ضميره ووجدانه لابد أن يكون في مستوى من العلم متميز جداً.. ولا أقل من أن يكون في مستوى الاجتهاد، وصاحب رأي حتى في سائر العلوم الأخرى سوى علم التاريخ.

فإذا أردت أن تبحث في سيرة النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان قول النبي (صلى الله عليه وآله) ، وفعله وسكوته حجة، وله تأثيره العميق في كل حركة للناس، وكل موقف، وكل قضية حدثت في زمنه (صلى الله عليه وآله)، فمن تاريخه (صلى الله عليه وآله) قد تكتشف مفهوماً عقائدياً لابد أن تلتزم به وتعقد قلبك عليه، وقد يكون منشأ لارتباطات وأحاسيس، وسبباً في حب وبغض وولاء وعداء لبعض الفئات والأشخاص من موقع  المسؤولية العقائدية أيضاً، ثم هو قد يكون له تأثيره في فهم آية أو رواية، أو في فهم حكم شرعي، وتكليف إلهي.

وكما قد يكون للموقف الواحد ارتباط بكل ذلك، وله تأثيره في النفس، وفي السلوك، وفي المشاعر، فإنه أيضاً قد يكون له ارتباط بعلوم أخرى كعلم الجغرافيا مثلاً، كما لو قيل: إن فلاناً وهو في طريقه من مكة إلى المدينة مر على مصر، فجرى له كذا. فلابد أن يرصد الباحث هذا الخطأ ويقول: إن مصر لا تقع في طريق مكة إلى المدينة.

وقد يرد عليك نص يتحدث عن فلان ابن فلان، وما جرى له، وإذا بعلم الأنساب يقول لك: ليس لهذا الرجل ابن أصلاً..

وقد يقال لك إن ذا الشمالين مثلاً فعل في سنة خيبر كذا.. ثم تجد أن ذا الشمالين، كان قد قتل في غزوة بدر قبل خمس سنوات أو ست. وهناك قضايا ترتبط أيضاً بعلم الرجال، أو بعلم التفسير، أو بعلم الشريعة والأحكام، والعقائد، وغير ذلك، كما أن هناك كثيراً من القضايا ترتبط بالقضايا السياسية، أو بالتأثيرات والتأثرات الاقتصادية، فيحتاج الباحث في التاريخ إلى معرفة كافية في مختلف هذه العلوم التي تفيد في تأكيد أو تفنيد هذا الحدث أو ذاك، ولها ارتباط به بنوع من أنواع الارتباط.

السؤال:

هل الأسباب المذكورة هي التي توجد التناقض بين الباحثين حول نفس الموضوع؟! أم أن هناك أموراً أخرى؟ الجواب:

إن مراجعة الأعمال التاريخية التي بين أيدينا تعطينا أن كثيراً من الباحثين يعتمدون وسائل ناقصة في بحوثهم، وبعض الباحثين يحاول استنباط الحدث من خلال مقارنات ومناسبات يجدها في هذا النص، وذاك النص، فيحاول الربط بين النصين من خلال اعتبارات ذوقية، ولمناسبات استحسانية، فهذا النوع من الناس لا يصح عدّه باحثاً أصلاً.

وهو ينتهي إلى أن تصبح الأهواء والتعصبات والسياسات هي الحاكمة، ويعطيها الفرصة للتلاعب بأفكار البشر وبمصائرهم، ومفاهيمهم، واعتقاداتهم. كما هو واضح.

وهناك فريق آخر يحاول أن يجعل النص الأقدم الذي وصل إليه هو المعيار، وينطلق للتشكيك بكل نص آخر فيه زيادة عليه.. وهو أيضاً عمل غير سليم، فإن ما وصل إلينا ليس هو كل الحقيقة، فهناك مصادر لم تصل إلينا وقد كانت معتمدة لدى القائلين والمؤلفين، وهناك نُقول تداولها رواتها بطريق المشافهة، ثم لحقها التدوين، بعد مرور ردح من الزمن عليها، وقد تكون هي الأقرب للواقع من سواها مما ألفه المؤلفون، وخضعوا فيه لقهر السلطة، والتزموا سياستها وحققوا مرادها.

وكمثال على ذلك نقول:

لو أردنا البحث في قضية السقيفة أو ما جرى على الزهراء (عليها السلام) مثلاً، فسنجد أن هذا يقول: لا يعقل أن في الصحابة الذين جاهدوا ونصروا الإسلام أن يتجرؤوا على الزهراء (عليها السلام)، وأن يحرقوا بابها، ويسقطوا جنينها. وذاك يقول:  بل يمكن ذلك، وقد فعلوا أكثر من ذلك، فقد قالوا عن النبي (صلى الله عليه وآله): إنه ليهجر، فكيف لا يتجرأ على الزهراء (عليها السلام)، مع أنه لابد أن يدرس واقع هؤلاء الناس من الصحابة وميولهم، ونفسياتهم، وطموحاتهم، وتاريخهم وحتى الجغرافيا البشرية والتركيبة السكانية التي كانت قائمة في المجتمع إبان الحادثة، ولا يكفي الاعتماد على الاستحسانات والربط الذوقي بين النصوص، وحين نقرأ موضوع الفتوحات في صدر الإسلام فإن من كتب فيها قد عظّم، ومجّد، وبجّل، وامتدح، واعتبرها الإنجاز العظيم للخلفاء والفاتحين، مع أنها لو درست بواقعية لخرج الدارس لها بنتيجة: أنها أضرت في الناحية العقائدية والسلوكية للمسلمين، فهل كانت الفتوحات قربة إلى الله؟ وهل كان الفاتحون مخلصين في عملهم؟ أم كانوا يبحثون عن الأموال والنساء؟! والمخلصون منهم قد يكونون غير قليلين ولكن هل هم الذين كانوا في موقع القرار؟! والقوة الفاعلة والمؤثرة في مصير الفتوحات ونتائجها؟! أم لم يكن الأمر كذلك؟!..

أما أن نأتي ونبحث هذا الأمر ونحن مبهورون بالشعارات، فلا يكون همنا سوى التعظيم والتمجيد دون التدقيق في واقع ما حصل، فذلك غير صحيح ولا سليم.. خصوصاً إذا كانت الوقائع قد أظهرت أن بعض تلك المشاهد التي طواها الزمن قد كانت وهمية ومفتعلة، لأن هذا التاريخ كتبه الحكام أو أشرفوا على كتابة كثير من فصوله، فلا يعقل أن يكتب هؤلاء ما يضر بسياستهم وبأهدافهم..

وعلى كل حال، فإن هذه مفردات لم يحسن الباحثون النظر إليها ولم تكن نظرتهم هي نظرة من يبحث عن الواقع بتجرد ونزاهة، وصفاء قريحة، وحرية فكرية، بل إن الكثيرين منهم قد تقيدوا بمفاهيم مسبقة منعتهم من التفكير بطريقة صحيحة، فإن القيود ليست دائماً تفرض من الخارج، بل قد يقيد الإنسان نفسه بمفاهيم نشأت من دون داع ودون مبرر، فتحكم فكره وعقله. وموضوع الفتوحات من هذا القبيل.

السؤال:

إننا أحياناً ربما نجد أن موضوعاً يكون من المسلمات عند الناس، ثم يأتي من ينقضه ولا يصدقه، فمثلاً مثلث برمودا الذي شككتم بصحته؟

الجواب:

أنا لم أشكك بصحة المثلث نفسه، وإنما شككت بالتطبيق الوارد في رواية أريد منها غزو فكر وعقيدة الناس، وأن تهيمن على فكرهم وارتباطهم بأقدس إنسان على الأرض، وقد قلت: إنه لا شك في أن في مثلث برمودا حالات غير طبيعية، لكن لم يكن ذلك هو القاعدة، بل كان الاستثناء، فلماذا يعرض للناس على أساس أنه القاعدة ولا استثناء فيه؟! إن ما يحصل في مثلث برمودا، في بعض أيام السنة، حالات هيجان غير عادية، وهذا الأمر لا يختص بمثلث برمودا، بل هناك بحر الشيطان في ماليزيا، وفي اليابان هناك مناطق شبيهة تحدث فيها بعض الظواهر اللافتة، فلماذا اختص مثلث برمودا بهذا الاعتناء؟! وارتبط اسمه بأقدس إنسان على وجه الأرض دون سائر المناطق؟!..

ولماذا لا يقال: إن جزر برمودا الآن هي مراكز سياحية وهي من أكثر مناطق العالم تردداً لوسائل النقل الجوية والبحرية فيها باستثناء تلك الأيام  التي تحدث فيها تحولات غير عادية، كما أشرنا؟!..

ولماذا لا يقال أيضاً: إنه قد كانت هناك حرب بين القوتين الكبيرتين أمريكا وروسيا، وكان للحرب المخابراتية تأثيرها من خلال إطلاق إشاعات من هذا القبيل..

والسؤال هو التالي:

إن مثلث برمودا يطرح على أنه هو الجزيرة الخضراء، وعلى أنه الحقيقة المسلّمة التي لا يمكن اختراقها، والسر المبهم الذي لم يكتشف لغزه بعد، وتلك جزيرة برمودا موجودة، وهي ليست لغزاً، فإن الناس يذهبون إليها ويعيشون فيها، وهي مركز سياحي كبير ويمكننا أن نذهب، ونرى ونشارك في كل النشاطات فيها.

السؤال:

ما هو تفسير اختفاء بعض الطائرات؟

الجواب:

ليس هناك تفسير خاص، هذه حرب مخابراتية كانت فيما بين قوى الشر في تلك الحقبة.. وهناك حالات جوية تحدث في بعض الأيام بسبب أنه موقع جغرافي معين له طبيعة خاصة، فتنشأ في بعض أيام السنة هذه الحالات فتحدث كوارث، وتغرق السفن بشكل طبيعي، وقبل أيام غرقت سفينة من أكبر سفن العالم بشكل طبيعي، بسبب حالات مماثلة في هذا البحر العظيم.

كما أن من الواضح: أن أكثر الأشياء غموضاً عند الباحثين هو البحر، فكلما عشت في البحر ساعة اكتسبت خبرة جديدة، وعرفت أموراً لم تكن  تعرفها، وليست هناك سيطرة على البحار والأوقيانوسات العالمية، بل يأتيهم البحر كل يوم بجديد.

السؤال:

ضمن الكلام عن الجزيرة الخضراء ذكرتم أنها واردة؟

الجواب:

لا، بل هذا موضوع مختلق من أساسه.

السؤال:

قد وردت مثلاً في بحار الأنوار؟                                                  

الجواب:

إن صاحب البحار يذكرها ويشكك فيها أصلاً، وهي رواية مختلقة بلا شك، وقد أثبتنا ذلك بالأدلة القاطعة في كتابنا: «دراسة في علامات الظهور والجزيرة الخضراء»، ويكفيها سوءاً أنها تثبت أمراً قامت الأدلة القاطعة على خلافه، فقد ورد فيها أن القرآن محرف ومنقّص منه بصورة عمدية. وقد ثبت بالأدلة القاطعة التي لا مجال لنقضها أن القرآن مصون عن أي تحريف، بل هو قد وصل إلينا بتمامه حرفاً حرفاً، وهذه الرواية قد استدل بها القائلون بالتحريف. ولكننا نجد ـ مع الأسف ـ أن ذلك الشخص الذي ألف كتاباً لإثبات صحة هذه الرواية، قد تحاشى ذكر الفقرات التي تعرضت لتحريف القرآن.

فلماذا فعل ذلك؟ أليست هذه خيانة؟! أليس هذا من التدليس على القارئ؟!.. السؤال:

هل من ضمن الأمثلة للأمور التي تصبح مسلمة مثال ذي النورين، حيث يقولون: إن عثمان بن عفان قد تزوج من ابنتي الرسول، وهناك رأي معروف لكم بالنفي؟

الجواب:

قلت: إنه لم يكن للرسول (صلى الله عليه وآله) سوى بنت واحدة هي الزهراء وذكرت أحد عشر دليلاً على هذا الأمر في كتيب طبع باسم: «بنات النبي أم ربائبه» وفي: «الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)» حديث عن هذا الأمر أيضاً.

السؤال:

هل يتمتع كل باحث بالجرأة على مخالفة التيار، إن صح التعبير، لا أقول تيار الشيعة؟

الجواب:

كثير من الباحثين لا يلتفتون إلى أن هذا الأمر أو ذاك بحاجة إلى بحث وتدقيق، فيوردونه على أساس أنه أمر مسلم. وهنا تكمن المشكلة وربما يحتاج الالتفات إلى ذلك إلى مفتاح، وسبب.. كذلك الذي حدث لي عندما قرأت حديث الإفك، فقد لفت نظري أن الرجل المذكور بشكل أساسي في هذا الحديث وهو سعد بن معاذ لم يكن حياً حين حصلت هذه القضية، أو على الأقل يظن بذلك ظناً قوياً.. فكان هذا هو الباب الذي دخلت منه، ثم وجدت كثيراً من الأشخاص إما كانوا قد ماتوا، أو كانوا صغار السن، لا يصدر منهم ما نسب إليهم، أو أنهم لم يكونوا في المدينة آنئذ، وإنما قدموا إليها بعد  سنوات. بالإضافة لمخالفة الحديث لنصوص القرآن وغير ذلك..

إذاً قد يغفل الإنسان ولا يلتفت إلى أن هذا الأمر أو ذاك، يمكن أن يناقش فيه، لكن الذي يتصدى للبحث يصبح شكاكاً بدرجة كبيرة، وعليه أن ينظر إلى كل ما يعرض عليه بعين الريب..

وهذه الحالة إنما تنشأ من كثرة الممارسة، وإلا فكثير من الذين يتصدون للبحث إنما يسعون لإيجاد مناسبات ذوقية واستحسانية واستنسابية بين النصوص حتى لا تواجه بالاستهجان، ويستبعدون ما يرونه مضراً ببعض النواحي العقائدية أو الروحية، كما فعل محمد حسنين هيكل في كتاب «حياة محمد» الذي هو في الحقيقة نفس سيرة ابن هشام والطبري، ولكنه صاغ ذلك صياغة حسنة ومألوفة، وحذف الأسانيد، ووصل الأحداث ببعضها واستبعد الاختلافات والخ..

غير أن مما لا شك فيه أن ملاحظة المناسبات في النصوص التاريخية لا تكفي لجعل هذه الحقيقة أو تلك ثابتة أو ليست ثابتة، إذ لابد من «العرش ثم النقش» أي لا بد من إثبات أن هذا النص صحيح غير مزيف وغير محرف، وأنه قد حدث بالفعل، ثم بعد ذلك يبحث عن المناسبات، وعن الصياغات المناسبة له..

السؤال:

علماء الفقه، الذين يهتمون بعلم الحديث وعلم الرجال بمرحلة نجد أن كل واحد منهم يفتي اعتماداً على هذا الحديث أو الحادثة التاريخية، فيعارضه الثاني أو يختلفان في الاحتياط الوجوبي والاستحباب.. فما هو السبب؟! الجواب:

قد قلت: إن بعض الباحثين قد لا يلتفتون لوجود خلل في الحديث الذي يستندون إليه في أحكامهم، مثلاً، لو قرأ شخص قصة ذي الشمالين التي تقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد سها في صلاته، وسلم على ركعتين. فقال له «ذو الشمالين»: قَصُرَتِ الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟! فقال النبي (صلى الله عليه وآله): كل ذلك لم يكن. ثم سأل النبي (صلى الله عليه وآله) الناس عن ذلك، فأجابوه بالإيجاب. فسجد (صلى الله عليه وآله) سجدتي السهو، وأكمل صلاته.

هذه القضية قد يقرؤها إنسان فيحكم من خلالها بأنه يمكن أن يسهو النبي (صلى الله عليه وآله) في صلاته، لأنها تدل على ذلك، ثم يحكم من خلال ما ذكرته الرواية من أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد تكلم بانياً على سهوه وقال (صلى الله عليه وآله): [كل ذلك لم يكن]، ثم أتم صلاته، ويحكم بأن التكلم المبني على السهو لا يبطل الصلاة، فيستخلص من هذه القضية أحكاماً شرعية عديدة، ثم يأتي باحث آخر، فيقول له: إن هذه القضية كاذبة، لأنها تعارض الحكم العقلي الثابت: أن النبي لا يسهو ولا يخطئ ولا يعصي، فلا يصح لأحد أن يفتي استناداً إلى هذه الرواية. أو أن هذا الباحث الآخر يلفت نظر الباحث الأول إلى أن هذه القضية غير صحيحة، لأن ذا الشمالين قد قتل في حرب بدر، فكيف يكون موجوداً بعد خمس سنين منها في غزوة خيبر؟!

وقد يختلف الباحثون في توثيق رجال الرواية؛ فيوثقه شخص اعتماداً على نصوص لديه، ويضعفه آخر اعتماداً على نصوص أخرى ظفر بها هو، ولم يطلع عليها ذاك، فتختلف النتائج في الأخذ والرد تبعاً لذلك.  ومن جهة أخرى نلاحظ أن قدرة الإنسان على تتبع النصوص واستخراجها من المصادر لها مدخلية في طبيعة استنتاجاته، فقد يكون الإنسان عالماً ومحققاً، ولكن لم تتوفر لديه المصادر الكافية التي توفرت لباحث آخر، فاكتفى بالأخذ من مصادر قريبة المأخذ، وربما يطمئن إلى عدم وجود شيء آخر فيما عداها، فيبادر إلى الإفتاء بمضمونها.

ولكن قد يكون هناك فقيه آخر قد ساورته الشكوك بوجود أمور أخرى في مصادر أخرى، فإذا تتبع النصوص والجزئيات، ومختلف الدقائق واستخرجها وأفتى بمضمونها، فتختلف فتواه عن فتوى ذاك الأول.. وللاختلاف في الفتوى أسباب ومناشئ أخرى ليس هنا محل إيرادها.

والحمد لله رب العالمين.

جعفر مرتضى العاملي

 

طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 2014/04/27  ||  القرّاء : 9762










البحث في الموقع


  

جديد الموقع



 مسابقه کتابخوانی نبراس‌۱

 لحظات الهجوم الاول على دار الزهراء عليها السلام

 كربلاء فوق الشبهات

ملفات منوعة



 الصور الشخصية

 الحنفية ليست من سبي أبي بكر

 ابن عباس وابن الحنفية وكربلاء

إحصاءات

  • الأقسام الرئيسية 12

  • الأقسام الفرعية 64

  • عدد المواضيع 696

  • التصفحات 6940531

  • المتواجدون الآن 1

  • التاريخ 18/04/2024 - 19:26





تصميم، برمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net