||   الموقع بإشرف السيد محمد مرتضى العاملي / پايگاه اينترنتى تحت اشرف سيد محمد مرتضى عاملي مي‌باشد   ||   الموقع باللغة الفارسية   ||   شرح وتفسير بعض الأحاديث..   ||   لقد تم افتتاح الموقع أمام الزوار الكرام بتاريخ: 28/جمادی الأولی/ 1435 هـ.ق 1393/01/10 هـ.ش 2014/03/30 م   ||   السلام عليكم ورحمة الله.. أهلاً وسهلا بكم في موقع سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي.. نود إعلامكم أن الموقع قيد التحديث المستمر فترقبوا المزيد يومياً..   ||  



الصفحة الرئيسية

السيرة الذاتية

أخبار النشاطات والمتابعات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

المؤلفات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الأسئلة والأجوبة

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

التوجيهات والإرشادات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الحوارات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

النتاجات العلمية والفكرية

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الدروس

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الصور والتسجيلات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مركز نشر وترجمة المؤلفات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مختارات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مركز الطباعة والنشر

شريط الصور


  • ابن عربي سني متعصب غلاف
  • رد الشمس لعلي
  • سياسة الحرب غلاف
  • زواج المتعة
  • الولاية التشريعية
  • كربلا فوق الشبهات جديد
  • علي ويوشع
  • طريق الحق
  • توضيح الواضحات
  • دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ط ايران
  • تخطيط المدن في الإسلام
  • تفسير سورة الماعون
  • تفسير سورة الكوثر (التاريخ العربي)
  • تفسير سورة هل أتى
  • تفسير سورة الناس(التاريخ العربي)
  • تفسير سورة الكوثر
  • تفسير سورة الفاتحة (التاريخ العربي)
  • السوق في ضل الدولة الإسلامية
  • سنابل المجد
  • سلمان الفارسي في مواجهة التحدي
  • الصحيح من سيرة الإمام علي ج 3
  • الصحيح من سيرة الإمام علي
  • صفوة الصحيح فارسي
  • رد الشمس لعلي
  • كربلاء فوق الشبهات
  • اكذوبتان حول الشريف الرضي
  • منطلقات البحث العلمي
  • مختصر مفيد
  • المقابلة بالمثل
  • ميزان الحق ط 1
  • ميزان الحق (موضوعي)
  • موقف الإمام علي (عليه السلام) في الحديبية
  • المراسم والمواسم _ إيراني
  • المواسم والمراسم
  • مقالات ودراسات
  • مأساة الزهراء غلاف
  • مأساة الزهراء مجلد
  • لماذا كتاب مأساة الزهراء (عليها السلام)؟!
  • لست بفوق أن أخطئ
  •  خسائر الحرب وتعويضاتها
  • علي عليه السلام والخوارج
  • ظاهرة القارونية
  • كربلاء فوق الشبهات
  • حقوق الحيوان
  • الحاخام المهزوم
  • الحياة السياسية للإمام الجواد
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع سيرة
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع ايران
  • الحياة السياسية للإمام الرضا ع
  • إدارة الحرمين الشريفين
  • ابن عباس ـ ايران
  • ابن عربي سني متعصب
  • ابن عباس وأموال البصرة
  • دراسة في علامات الظهور مجلد
  • بلغة الآمل
  • براءة آدم (ع)
  • بنات النبي أم ربائبه غلاف
  • بنات النبي أم ربائبه
  • عرفت معنى الشفاعة
  • الصحيح1
  • الصحيح 2
  • الصحيح8
  • الجزيرة الخضراء
  • الجزيرة الخضراء
  • الصحيح
  • الغدير والمعارضون لبنان
  • الغدير والمعارضون
  • الأداب الطيبة المركز
  • الآداب الطبية في الإسلام
  • البنات ربائب
  • علامات الظهور
  • علامات الظهور قديم
  • أحيو امرنا
  • أهل البيت في آية التطهير
  • افلا تذكرون
  • ابوذر
  •  بنات النبي (صلى الله عليه وآله) أم ربائبه؟!
  • الإمام علي والنبي يوشع
  • براءة آدم (ع)
  • الغدير والمعارضون
  • الإمام علي والخوارج
  • منطلقات البحت العلمي
  • مأساة الزهراء عليها السلام

خدمات

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا





  • القسم الرئيسي : المؤلفات .

        • القسم الفرعي : المقالات والأبحاث .

              • الموضوع : ذهاب عقيل إلى معاوية .

ذهاب عقيل إلى معاوية

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمحد وآله الطيبين الطاهرين

واالعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين من الأولين إلى قيام يوم الدين.

بداية:

يذكر المؤرخون: أن عقيل بن أبي طالب قد ذهب إلى معاوية في حياة أخيه أمير المؤمنين علي عليه السلام، طلباً للرفد، وطمعاً بالمال..

والبعض منهم يروي: أنه استأذن أخاه علياً عليه السلام في ذلك[1].

وبعض آخر يقول: " وفارق أخاه علياً في أيام خلافته، وهرب إلى معاوية، وشهد صفين معه. غير انه لم يقاتل، ولم يترك النصح لأخيه، والتعصب له "[2].

وبعضهم يقول: إنه قد غاضب أخاه علياً، وخرج إلى معاوية بالشام، وأقام معه[3]..

أما ابن قتيبة فقد قال: " ولحق بمعاوية، وترك أخاه علياً "[4]..

وإذا كان البعض يرى أنه قد أقام عند معاوية، وشهد صفين معه كما ذكرنا.. الأمر الذي من شأنه أن يقوي من اعتبار معاوية، ويزيد في معنوياته.. فإن البعض يروي في مقابل ذلك: أنه قد رجع على الفور، ولم يقم عنده[5].

ولقد حاول البعض توجيه ذلك: بأن ذهابه إلى معاوية لم يكن في صالح معاوية، وإنما كان ضرراً ووبالاً عليه.. لاسيما بملاحظة مواقف عقيل منه، ومن كل أشياعه وأتباعه، وأجوبته القوية والجريئة لهم، وكشف الكثير من مخازيهم وموبقاتهم..

أدلة القائلين بلحوقه بمعاوية:

وللقائلين بلحوقه بمعاوية، أن يستدلوا:

1- ما روي من أن معاوية قال يوماً وعقيل عنده: هذا أبو يزيد، لو لا علمه بأني خير لـه من اخيه لما أقام عندنا وتركه. فقال عقيل: أخي خير لي في ديني، وأنت خير لي في دنياي، وقد آثرت دنياي، وأسأل الله خاتمة خير..[6].

وعلى حسب رواية الأصمعي: أن عقيلاً ترك علياً، وذهب إلى معاوية.

فقال معاوية: يا أهل الشام، ما ظنكم برجل لا يصلح لأخيه؟

فقال عقيل: يا أهل الشام، إن أخي خير لنفسه وشر لي، وإن معاوية شر لنفسه، وخير لي..[7].

وعلى حسب رواية حميد بن هلال: أنه بعد ان أتى معاوية، وأعطاه مئة ألف، قال له معاوية: اصعد المنبر فاذكر ما أولاك به علي، وما أوليتك فصعد، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إني أخبركم: أني أردت علياً على دينه، فاختار دينه، وأردت معاوية على دينه فاختارني على دينه.. [8].

وعلى حسب رواية هشام بن عروة: إن معاوية قال لعقيل يوماً: يا أبا يزيد، أنا خير لك من اخيك علي؟ فقال: إن أخي آثر دينه على دنياه، وأنت آثرت دنياك على دينك، فأخي خير لنفسه منك لنفسك.. [9].

أو انه قال له: وجدت علياً انظر لنفسه منه لي، ووجدتك انظر لي منك لنفسك[10]. أو أنه قال: فأنت خير لي من أخي، وأخي خير لنفسه منك"[11].

والمسعودي يروي أنه قال له: يا أبا يزيد، كيف تركت علياً؟

فقال: تركته على ما يحب الله ورسوله، وألفيتك على ما يكره الله ورسوله.

فقال له معاوية: لولا أنك زائر منتجع جانبنا لرددت عليك  أبا يزيد جواباً تألم منه.

ثم أحب معاوية أن يقطع كلامه، مخافة أن يأتي بشيء يخفضه، فوثب عن مجلسه، وأمر له بنزل، وحمل إليه مالاً عظيماً، فلما كان من غد جلس، وأرسل إليه، فأتاه فقال له: يا أبا يزيد، كيف تركت علياً أخاك؟

قال: تركته خيراً لنفسه منك، وأنت خير لي منه الخ.. كلامه الذي يذكر فيه أنه يمدح صعصعة بن صوحان، فيرسل إليه صعصعة رسالة شكر وثناء[12].

2- يقولـون: إنه بعد أن رفض علي عليه السلام إعطاءه غير عطائه ارتحل إلى معاوية..

فلما سمع به معاوية نصب كراسيه، وأجلس جلساءه، فورد عليه، فأمر له بمئة ألف درهم، فقبضها، فقال له معاوية: أخبرني عن العسكرين؟

قـال: مررت بعسكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فإذا ليل كليل النبي، ونهار كنهار النبي، إلا أن رسول الله ليس في القوم.. ومررت بعسكرك، فاستقبلني قوم من المنافقين، ممن نفر برسول الله(ص) ليلة العقبة.

ثم قـال: من هذا الذي عن يمينك يا معاوية؟

قال: هذا عمرو بن العاص.

قال: هذا الذي اختصم فيه ستة نفر، فغلب عليه جزارها، فمن الآخر؟

قال: الضحاك بن قيس الفهري.

قال: أما والله لقد كان أبوه جيد الأخذ لعسب التيس. فمن هذا الآخر؟

قال: أبو موسى الأشعري.

قال: هذا ابن المراقة..

فلما رأى معاوية أنه قد أغضب جلساءه، قال: يا أبا يزيد، ما تقول فيّ؟

قال: دع عنك.

قال: لتقولن.

قال: أتعرف حمامة؟

قال: ومن حمامة؟

قال: أخبرتك ومضى عقيل.. فسأل معاوية النسابة فأخبره أنها جدته، وكانت بغياً في الجاهلية، وهي أم أبي سفيان[13].

3- وربما يستدل أيضاً: بأنه كان مع معاوية في صفين، فقال له معاوية ليلة الهرير: يا أبا يزيد، أنت معنا الليلة..

فقال له عقيل: ويوم بدر كنت معكم. أو ما في معنى ذلك.. [14].

4- وأنه: " لما قدم عقيل بن أبي طالب على معاوية أكرمه، وقربه وقضى حوائجه، وقضى عنه دينه.

ثم قال له في بعض الأيام: والله إن علياً غير حافظ لك، قطع قرابتك، وما وصلك، ولا اصطنعك.

قال له عقيل: والله، لقد أجزل العطية وأعظمها، ووصل القرابة، وحفظها وحسن ظنه بالله  إذ ساء به ظنك، وحفظ أمانته، وأصلح رعيته، إذ خفتم وأفسدتم، وجرتم، فاكفف لا أباً لك، فإنه عما تقول بمعزل.. "[15].

وقال الحموي وغيره: " قال معاوية يوماً لعقيل: إن علياً قطعك ووصلتك، ولا يرضيني منك إلا أن تلعنه على المنبر.

قال: افعل. فصعد المنبر، وحمد الله وأثنى عليه،

ثم قال: إن أمير المؤمنين أمرني أن ألعن علياً، فالعنوه عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ثم نزل..

فقال معاوية: يا عقيل، إنك لم تبين من المراد منا؟! قال: والله ما زدت حرفاً، والكلام راجع إلى نية المتكلم[16].

5- " وقال رجل لعقيل: إنك لخائن، حيث تركت أخاك، وترغب إلى معاوية. قال: أخون مني من سفك دمه بين أخي وابن عمي أن يكون أحدهما أميراً.. "[17].

هذا غاية ما يمكن الاستدلال به لذهاب عقيل إلى معاوية، وشهوده معه صفين، جمعناه بنصوصه المختلفة، رعاية لأمانة النقل، وبراءة من ذمة التاريخ..

رأينا في ذهابه إلى معاوية:

إننا بحسب ما بأيدينا من النصوص التاريخية: لا يسعنا القبول بأن ذهاب عقيل إلى معاوية كان في حياة أخيه علي عليه السلام، ونحن نشك في ذلك كثيراً وما نستطيع أن نؤكد عليه هو أنه إنما ذهب إليه. ووفد عليه بعد وفاة أخيه، كسائر الذين وفدوا عليه، إبقاءً على أنفسهم وحفظاً لحياتهم ووجودهم، أو طلباً للرزق، ولقمة العيش.

وحتى لو سلمنا أنه قد ذهب إلى الشام، فإن من المقطوع به أنه لم يكن لمعاوية وبني أمية منه إلاّ الفضائح لهم ولم يكن أبداً مغاضباً لعلي كما زعموه..

وردّنا على ما ذكروه بالإضافة إلى أن أكثره لا يدل على أن ذهابه كان في حياة علي عليه السلام ولاسيما الرابع وبعض نصوص الأول.. وما نستند إليه فيما نذهب إليه يتلخص بالملاحظات والأمور التالية:

أولاً:

إننا نلاحظ: أن هناك اختلافاً كبيراً في بيان حقيقة ما جرى بين عقيل وعلي عليه السلام، وعقيل ومعاوية.. وغير ذلك.. ونحن نجمل هذه الاختلافات على النحو التالي:

أ: فواحد يقول: إنه قد لزم عقيلاً دين، فقدم الكوفة، فأمر علي عليه السلام الحسن، فكساه، فلما أمسى دعا بعشائه، فإذا خبر وملح.

فقال عقيل: ما هو إلا ما أرى؟!

قال: لا.

قال: فتقضي ديني؟

قال: وكم دينك؟

قال: أربعون ألفاً. قال: ما هي عندي، ولكن اصبر حتى يخرج عطائي، فإنه أربعة آلاف، فادفعه إليك.

فقال له عقيل: بيوت المال بيدك، وأنت تسوفني بعطائك؟!

فقال: أتأمرني أن أدفع إليك أموال المسلمين، وقد ائتمنوني عليها؟!

قال: فإني آت معاوية فائذن لي، فأذن له الخ..[18].

وآخر يقول: إنه قدم عليه يسترفده، فعرض عليه عطاءه، فقال: إنما أريد من بيت المال. فقال: تقيم إلى الجمعة، فلما صلى (ع) الجمعة قال له: ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين؟

قال: بئس الرجل.

قال: فإنك أمرتني أن أخونهم وأعطيك.

فلما خرج من عنده شخص إلى معاوية[19].

وثالث يقول: إنه سأله، فاستمهله حتى يخرج عطاؤه مع المسلمين فيعطيه معهم، فألحّ عليه، فقال لرجل خذ بيده وانطلق إلى حوانيت أهل السوق فقل: دق هذه الأقفال، وخذ ما في هذه الحوانيت.

قال: تريد أن تتخذني سارقاً؟

قال: وأنت تريد أن تتخذني سارقاً؟

أن آخذ أموال المسلمين فأعطيكها دونهم؟

قال: لآتين معاوية.

قال: أنت وذاك فأتى معاوية الخ..[20]

ورابع يقول: إنه سأل علياً فقال له علي: إن أحببت أن أكتب لك إلى ما لي بينبع فأعطيتك منه.

فقال عقيل: لأذهبن إلى رجل هو أوصل لي منك فذهب إلى معاوية، فعرف له ذلك. خرجه البغوي..[21].

وخامس يقول: إنه قدم عليه وهو جالس في صحن مسجد الكوفة فسلم عليه فرد عليه، ثم التفت إلى الحسن فأمره بإنزاله ثم أمره بإكسائه. فغدا على علي(ع) في الثياب فسلم عليه، فرد سلامه فقال له: يا أمير المؤمنين، ما أراك أصبت من الدنيا شيئاً إلا هذه الحصباء.

قال: يا أبا يزيد يخرج عطائي فأعطيكه، فارتحل عن علي إلى معاوية الخ..[22].

وزاد ابن أبي الحديد أنه قال له: ما أراك أصبت من الدنيا شيئاً، وإني لا ترضى نفسي من خلافتك بما رضيت به لنفسك، فقال: يا أبا يزيد يخرج عطائي الخ..[23].

وسادس يقول ما ملخّصه: إنه قال له: إنه يكتب له إلى ينبع.

فقال: ليس غير هذا؟

قال: لا. فبينما هو كذلك إذ جاء الحسن، فأمره بكسوته فكساه، ثم غدا عليه، فاستأذنه إلى معاوية فأذن له..[24].

وقيل غير ذلك فراجع الدرجات الرفيعة ص158-159.

ب: وأما اختلافهم فيما جرى بين معاوية وعقيل فور وروده عليه فنرى:

أحدهم يقول: إنه طلب منه أن يصعد المنبر، ويذكر ما أولاه به هو، وما أولاه به علي عليه السلام.

وآخر يذكر أنه قال له: هذا أبو يزيد لولا علمه بأني خير له من أخيه لما أقام عندنا وتركه..

وثالث يقول: إن معاوية قد خاطب أهل الشام فقال: يا أهل الشام ما ظنكم برجل لا يصلح لأخيه..

ورابع يقول: أنا خير لك من أخيك..

وخامس يقول: إنه قال له: أخبرني عن العسكرين. الخ..

ج: ثم يلاحظ الاختلاف في جواب عقيل لمعاوية.. وقد تقدم بعض ما قيل إنه أجاب به في أوائل هذا البحث، فلا نعيد.

د: ثم هناك الاختلاف في أن معاوية قد أعطى عقيلاً مئة ألف..[25] أو أنه أعطاه خمسين ألفاً فقط..[26] وثالث يكتفي بالقول بأنه أعطاه مالاً عظيماً..[27].

هـ: ثم هناك الاختلاف فيمن شتمهم عقيل في مجلس معاوية فهل شتم الضحاك بن قيس، وعمرو بن العاص، كما يقول بعضهم..[28].

أو أنه أضاف إليهما أبا موسى الأشعري[29].

أو أنه شتم عمرواً وأبا موسى..[30].

و: ثم هناك الاختلاف في أنه قال لهم ما قال، بعد سؤال معاوية إياه عن العسكرين مباشرة، وبتطفل من عقيل.. أو أنه شتمهم في اليوم التالي باقتراح من معاوية نفسه عليه..[31].

ز: ثم إن قوله لمعاوية: إن أخي آثر دينه الخ.. بعضهم يقول: إنه كان فور وصوله من عند علي.. وبعضهم قال: إنه قال له ذلك يوماً، كما تقدم..

ح: وأيضاً.. فإن البعض يروي: أنه بعد ان قبض المال من معاوية رجع مباشرة.. ولكن آخرين يقولون: إنه أقام معه..

ط: وأخيراً.. فإن البعض يقول: إنه استأذن أخاه.

وآخر يقول: إنه هرب منه.

وثالث يذكر: أنه فارقه مغاضباً له..

وخامس يذكر: أنه اقبضه علي خمسة آلاف درهم فلم ترضه..

إلى غير ذلك من وجوه الاختلافات الكثيرة في هذه القضية.. الأمر الذي يلقي بطبعه ظلالاً من الشك على صحة هذا الأمر..

هذا فضلاً عن الدلائل والشواهد الأخرى، التي ربما تترقى بهذا الشك إلى مراتب الوثوق والاطمئنان بتعمد الجعل والافتعال في هذه القضية، كما سنبيّنه..

ثانياً: ما أجمع عليه ثقات الرواة في المقام يؤكد على أن عقيلاً لم يذهب إلى معاوية في حياة علي عليه السلام.

فإننا: بالإضافة إلى أننا نجد عدداً من العلماء كابن أبي الحديد المعتزلي، والسيد عبد الرزاق المقرم، والسيد علي خان، وغيرهم..[32].

يقولون إنه لم يذهب إلى معاوية في حياة أخيه علي عليه السلام – إننا بالإضافة إلى ذلك -.

نجد أن ذلك هو الصحيح الذي اجتمع عليه ثقات الرواة، فقد قال ابن أبي الحديد:

".. فأما عقيل، فالصحيح الذي اجتمع ثقات الرواة عليه: أنه لم يجتمع مع معاوية إلا بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام، ولكنه لازم المدينة، ولم يحضر حرب الجمل وصفين، وكان ذلك بإذن أمير المؤمنين عليه السلام، وقد كتب عقيل إليه بعد الحكمين يستأذنه في القدوم عليه الكوفة بولده، وبقية أهله، فأمره عليه السلام بالمقام الخ.."[33].

ثم يذكر قصة سعيد بن العاص الآتية مع معاوية.. ونحن نعتقد أنه أمره بالمقام بعد الحكمين، أما قبلهما فقد حضر صفين مع علي عليه السلام كما سيأتي..

وثالثاً: إنهم يذكرون أن عقيلاً قد حضر مع معاوية صفين، وأنه قد مر بالعسكرين، وجرت بينه وبين معاوية ليلة الهرير محاورة تقدمت..

ونحن لا نستطيع تصديق هذا الأمر، لأن لدينا طائفتين من النصوص تتفق على أن عقيلاً لم يكن مع معاوية، وإن كانت تختلف في موقعه وموقفه في حرب صفين وسائر حروب أخيه.

1- إنهم يذكرون: أن عقيلاً قد شهد صفين إلى جانب أخيه أمير المؤمنين علي عليه السلام، وشهد معه أيضاً الجمل والنهروان[34].

بل إن نفس الرواية التي استدل بها على كونه كان مع معاوية تدل على أنه كان مع أخيه، لأن معاوية قد سأله عن العسكرين الذين مر فيهما عقيل فأجابه بذلك الجواب الغليظ.

ولو لم نأخذ بهذا فإننا نجد أن روايات أخرى تؤكد على أنه قد اعتزل الفريقين معاً وذلك فيما يلي:

2- " قد روي في خبر مشهور: أن معاوية وبخ سعيد بن العاص على تأخيره عنه في صفين، فقال سعيد: لو دعوتني لوجدتني قريباً، ولكني جلست مجلس عقيل وغيره من بني هاشم، ولو أوعبنا لأوعبوا"[35].

فهذا الكلام يدل على أن عقيلاً وبني هاشم قد اعتزلوا الطرفين ولكنهم كانوا بانتظار أوامر علي عليه السلام كما كان سعيد بن العاص بانتظار أوامر معاوية..

3- وينص المعتزلي على أن عقيلاً وبني هاشم قد اعتزلوا الطرفين معاً، وأقاموا في المدينة، وأن عقيلاً لم يشهد شيئاً من حروب علي، وعرض نفسه وولده عليه فأعفاه[36].

ولربما يكون المعتزلي قد استفاد عرضه نفسه وولده عليه (ع) واعفاءه لهم، من رسالة عقيل الآتية لأخيه، وجوابه عليه السلام له.. ولكنها لا تكفي لإثبات ذلك لأنها إنما أرسلت إليه عليه السلام في سنة تسع وثلاثين أي بعد حروب علي مع خصومه..

4- ويصرح المعتزلي وغيره بأن سؤال معاوية له وجوابه إياه، عن مروره بالعسكرين، ثم شتمه لعمرو، وللضحاك، وأبي موسى – كل ذلك – إنما كان بعد وفاة أخيه أمير المؤمنين عليه السلام،بل وبعد صلح الحسن أيضاً[37].

وعليه فالروايات التي تذكر أن ذلك كان فور وصول عقيل إلى معاوية لا تصح..

5- إن عدداً من الروايات يقول: إن عقيلاً إنما ذهب إلى معاوية بعدما كف بصره حيث إنه كان قد قدم على أخيه، فاكتفى أخوه بكسوته وعرض عليه عطاءه ولكنه لم يقبل وشخص إلى معاوية[38].

وقيل إن سبب ذلك هو قصة الحديدة المحماة[39].

ومن الواضح: أن بصره قد كف بعد واقعة الضحاك بن قيس التي كانت في سنة 39، إذ قد جاء في رسالته لأخيه المتقدمة قوله: " فعرفت المنكر في وجوههم " وهذا يدل على أنه لم يكن قد عمي بعد.. كما أن قضية سؤال معاوية له عن العسكرين في صفين تدل على ذلك..

ويدل على ذلك أيضاً ما جاء في سبب تركه علياً من قوله لمعاوية: " والله لكأني أنظرإلى يدي علي على فم الزق، وقنبر يقلب العسل فيه.. "[40].

وقد صرح البعض بأنه قد أضر في أواخر عمره.. [41].

وكل ذلك: يدل أيضا على أن قضية الحديدة المحماة قد حدثت قبيل وفاة أخيه علي عليه السلام.. وبعد كل ذلك فكيف يكون ذهابه إلى معاوية بسبب قضية الحديدة المحماة أو بعد ما كف بصره.

6- وأخيراً ..

نقول: إن أقدم من نقل قضية حضور عقيل مع معاوية في صفين هو الجاحظ في كتابه: " البيان والتبيين " والموجود في أكثر نسخ البيان والتبيين هو حذف كلمة: " صفين " ما عدا نسخة كوبرلي، كما ذكره محقق الكتاب، وذلك مما يوهن الاستدلال بهذه القضية للاحتمال القوي حينئذ بأنها من زيادات النساخ، أو من الحواشي التي يدخلها النساخ في المتن عادة جهلاً منهم بحقيقة الحال..

7- إن بعض ما تقدم يتضمن قول عقيل لمعاوية: (أمير المؤمنين) وبديهي أن معاوية إنما تسمى بذلك بعد اجتماع الحكمين الذي كان في سنة 38..[42].

وإذا كان عقيل قد حضر النهروان والجمل وصفين مع علي عليه السلام، وإذا كان أيضاً إنما ذهب إلى معاوية بعدما كف بصره، وإذا كان لم يذهب إليه إلا بعد غارة الضحاك سنة 39، وإذا كان أيضاً قد أمره علي بعدها بالمقام بالمدينة.. إذا كان كل ذلك فمعنى ذلك أن عقيلاً لم يذهب إلى الشام في حياة علي عليه السلام، ويكون إنما وصفه بـ: (أمير المؤمنين) بعد وفاة علي عليه السلام وصلح الحسن، كما يقوله المعتزلي..

رابعاً: وأما رسالة عقيل لأخيه علي عليه السلام، حين بلغه خذلان أهل الكوفة له، وعصيانهم إياه، والتي أرسلها إليه بعد غارة الضحاك بن قيس، التي كانت في سنة 39ﻫ. أي قبل وفاة علي عليه السلام بسنة واحدة – أما هذه الرسالة – فهي أشهر من أن تذكر..

ومما كتبه عقيل في هذه الرسالة قوله:

".. إني خرجت إلى مكة معتمراً، فلقيت عبد الله بن سعد بن أبي سرح في نحو من أربعين شاباً من أبناء الطلقاء، فعرفت المنكر في وجودههم، فقلت لهم: إلى اين يا أبناء الشانئين؟ أبمعاوية تلحقون؟! عداوة والله منكم قديماً غير مستنكرة، تريدون بها إطفاء نور الله، وتبديل أمره..

فاسمعني القوم واسمعتهم، فلما قدمت مكة سمعت أهلها يتحدثون: أن الضحاك بن قيس أغار على الحيرة.. إلى أن قال: فأُفٍ لحياة في دهر جرأ عليك الضحاك، وما الضحاك؟ فقع بقرقر.

وقد توهمت حين بلغني ذلك: أن شيعتك وأنصارك خذلوك، فاكتب إلي يا ابن أمي برأيك، فإن كنت الموت تريد تحملت إليك ببني اخيك، وولد أبيك، فعشنا معك ما عشت، ومتنا معك إذا مت، فوالله ما أحب أن أبقى بعدك في الدنيا فواقاً..

وأقسم بالأعزّ الأجلّ: إن عيشاً نعيشه بعدك في الحياة لغير هنيىء، ولا مريىء، ولا نجيع، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.. [43].

وقد أجابه الإمام عليه السلام بجواب يعبّر بوضوح عن مدى بصيرة علي عليه السلام في أمره، وصلابته في دينه.. ويشكو فيه من ظلم الناس له، وممالأتهم الطلقاء وبقايا الأحزاب عليه، ولا مجال لذكر رسالته هنا..

فعقيل ينعى على ابن أبي سرح، وعلى غيره من أبناء الطلقاء ذهابهم إلى معاوية، فكيف يفعل هو ذلك، ثم ينكره على غيره.. ويلاحظ أن رسالته هذه لأخيه تفيض رقة وحنواً، وتعبر عن مدى نفوذ بصيرته في أمر أخيه علي عليه السلام، حتى إنه يود أن يعيش معه ويموت معه، ولا يود أن يعيش بعده فواقاً..

وإذا ما قايسنا هذه الرسالة بتلك النصوص المتقدمة التي تتضمن الجرأة منه على أخيه، والاستهانة بأمره، بل وفي بعضها ما يكشف عن نظرة سيئة في موقف أخيه – لعرفنا: أن تلك المنقولات لا يمكن أن تصح، وإنما هي مفتعلة على لسان عقيل لأهداف معينة لا تخفى..

وبملاحظة أن هذه الرسالة قد كانت بعد غارة الضحاك التي حدثت في سنة 39ﻫ. فإننا نعرف أنه لم يكن حتى ذلك الحين قد ذهب إلى معاوية أصلاً، ولا حضر معه صفين.. وإلا لجاز لابن أبي سرح ولكل من عرفه أن يعترض عليه بأنك: بأي حق تنهى الآخرين عما فعلته أنت وبالذات في أحرج الظروف والأوقات..

وإذا ضممنا إلى هذه الرواية صراحة كلام سعيد بن العاص الآتي وأيضاً قول ثقات الرواة بأنه ذهب إليه بعد وفاة علي وصلح الحسن كما تقدم، وأيضاً تصريح البعض بأن علياً أمره بالمقام في المدينة ولم يكن ليخالف أمره، وغير ذلك مما ذكرناه ونذكره..

فإننا نقطع ونتيقن بأن دعوى ذهابه إلى معاوية وحضوره معه في صفين ما هي إلا محض افتعال واختلاق لأسباب لا تخفى.

خامساً: يلاحظ: أن بعض هذه المنقولات لا يوافق رأي عقيل في أخيه علي عليه السلام، ولا ينسجم مع ما هو معروف من أدبه معه، ودفاعه عن قضيته ومواقفه عموماً.. ولاسيما وأن بعضها ينسب إليه الجرأة على أخيه، وتوجيه الكلمات القاسية إليه، والتي يأباها طبع وعامة سلوك عقيل مع أخيه.. ونخص بالذكر هنا، ما نقلناه فيما سبق عن العقد الفريد من قول القائل له: إنك لخائن.

وجواب عقيل له: الذي يتضمن أن أخاه كمعاوية إنما يطلب الإمارة والملك، ويحاول الوصول إلى ما يصبو إليه من أي طريق ولو عن طريق المتاجرة بدماء الأبرياء.. فإن ذلك إنما يوافق نظرة أعداء علي وآل علي.. ولا يتلاءم أبداً مع كل ما ينقل عن عقيل سواء مع معاوية أو مع غيره.. هذا عدا عن أن بعض تلك المنقولات تحاول أن توحي إلى القارئ بما يشير إلى أنانية علي وحبه لنفسه وإيثاره لها على كل أحد حتى على أخيه. وبعضها يتهم فيه عقيل أخاه بأنه قد قطع رحمه، وأن معاوية أوصل إليه منه!!.

سادساً: لقد تضمنت بعض تلك الروايات ما يكذب الدعوى القائلة بأن مفارقة عقيل لعلي كانت من اجل حرمانه من المال..

فقد تقدم أن عقيلاً قد أجاب معاوية، عندما عرض له هذا بقطيعة أخيه له، أجابه عقيل بأنه أجزل العطية وأعظمها، ووصل القرابة وما قطعها الخ..

فذلك يكذّب الرواية القائلة: إن معاوية قال له: إنه خير له من أخيه فقال له عقيل: إن أخاه خير له في دينه، ومعاوية خير له في دنياه أو ما هو قريب من هذا.

بل يظهر من الجاحظ – وهو أقدم ناقل لها – التشكيك في هذه الرواية أيضاً.

حيث قال: " وزعموا أنه قال له معاوية الخ.. " كما وتشكك بها غيره أيضاً..

إذن.. متى ذهب عقيل إلى معاوية:

وبعد كل ما تقدم: فلا يبقى إلا أن نقول بما قاله المعتزلي وغيره، وصرح به ثقات الرواة، من أن ذهاب عقيل إلى معاوية إنما كان بعد وفاة أخيه أمير المؤمنين علي عليه السلام وصلح الحسن صلوات الله عليه.

ويمكن أن يؤيد ذلك:

1- بما ورد من أن معاوية قد سأل عقيلاً عن قصة الحديدة المحماة فحدثه عقيل بقضية أخرى عن علي، فقال له معاوية: ".. ذكرت من لا ينكر فضله رحم الله أبا الحسن، فلقد سبق من كان قبله، وأعجز من يأتي بعده، هلم حديث الحديدة الخ.. " فحدثه به عقيل[44] فترحم معاوية على علي عليه السلام فهذا يؤيد أن هذا الكلام قد كان بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام، هذا بالإضافة إلى ان عقيلاً إنما كف بصره في أواخر حياة علي عليه السلام، كما تقدم..

2- ما ورد من أن عقيلاً قد سأل معاوية عندما قدم عليه عن الحسن، فقال له: إنه أصبح قريش وجهاً، وأكرمها حسباً[45].. فلو كان علي حياً حينئذ لكان السؤال عنه والثناء عليه أولى، لأن الحسن لم يكن في حياة أبيه أكرم قريش حسباً.. إلا أن يقال: لا مانع من تعدد ذهاب عقيل إلى معاوية مرة أخرى في حياة علي وأخرى بعد وفاته.. ولأجل ذلك ذكرنا ذلك بعنوان التأييد لا الاستدلال.

ونعتقد أن فيما قدمناه كفاية.. والنقاش هنا لا يضر في النتيجة التي توصلنا إليها في هذا البحث.

الافتراء على عقيل:

وعلى كل حال.. فإن الافتراء على عقيل، بهدف النيل منه، ومن ثم من أخيه علي عليه السلام كثير..

وقد قالوا: "كان عقيل أنسب قريش، وأعلمهم بايامها، ولكنه كان مبغّضاً إليهم، لأنه كان يعد مساويهم"[46].

وقالوا: "كان عقيل أكثرهم ذكراً لمثالب قريش، فعادوه لذلك، وقالوا فيه بالباطل، ونسبوه إلى الحمق، واختلقوا عليه أحاديث مزورة.."[47].

وقال الجاحظ: "كان عقيل أكثرهم ذكراً لمثالب الناس، فعادوه لذلك، وقالوا فيه، وحمّقوه، وسمعت ذلك العامة، فلا تزال تسمع الرجل يقول قد سمعت الرجل يحمّقه، حتى ألف فيه بعض الأعداء الأحاديث، فمنها، قولهم: ثلاثة حمقى كانوا أخوة ثلاثة عقلاء، والأم واحدة الخ.."[48].

 

إلى غير ذلك مما يجده المتتبع مسطوراً في كتب التاريخ والأدب.

فريتان على عقيل:

ونستطيع أن نذكر هنا قضيتين مكذوبتين على عقيل كشاهد حي على ما ذكر من تعمدهم تشويه سمعته والحط من كرامته:

أولاهما:

ما ورد من ان علياً كان يقول: إنه لم يزل مظلوماً منذ صغره، حتى إن عقيلاً كان إذا رمدت عيناه لا يرضى بأن يذرّ الكحل في عينيه حتى يذرّ في عيني علي(ع) قبله..

مع انهم يذكرون: أن عقيلاً كان يكبر علياً بعشرين سنة، وإن كنا قد قوينا انه كان يكبره بـ 13 سنة.. فهل يعقل أن يصدر مثل هذا العمل من عقيل، الرجل الذكي، والمعروف بسرعة الخاطر، وحضور الجواب.. والذي قال عنه الجاحظ: " له لسانه، وأدبه ونسبه، وفضل نظراءه بهذه الخصال.."[49]. وسيأتي بعض ما يدل على مكانة عقيل وسؤدده عن قريب.

ثانيتهما: إن ابن سعد يذكر أن عقيلاً شهد غزوة مؤتة، ثم رجع، فعرض له مرض، فلم يسمع له بذكر في فتح مكة، ولا الطائف، ولا خيبر، ولا في حنين..[50].

مع أنهم يذكرون: أنه ممن ثبت يوم حنين..[51].

بل لقد " قال ابن هشام: وذكر زيد بن أسلم بن أبيه: أن عقيل بن أبي طالب دخل يوم حنين على امرأته فاطمة بنت شيبة بن ربيعة، وسيفه متلطخ دماً، فقالت: إني قد عرفت أنك قد قاتلت، فماذا أصبت من غنائم المشركين؟

قال: دونك هذه الإبرة تخيطين بها ثيابك، فدفعها إليها، فسمع منادي رسول الله(ص) يقول: من أخذ شيئاً فليرده، حتى الخياط والمخيط، فرجع عقيل فقال: ما أرى ابرتك إلا قد ذهبت، فأخذها، فألقاها في الغنائم.."[52].

فهذه الرواية – وإن كان قد قصد بها إظهار خسة نفس عقيل – إلا أنها تدل دلالة واضحة على استقامة عقيل من جهة، وعلى أنه قد شارك في حرب حنين مشاركة فعلية.

وقال الطبراني وغيره: إن عقيلاً حضر فتح خيبر وقسم له النبي(ص) من خيبر[53].

وبعد فإن هناك قضية أخرى مكذوبة على عقيل، وهي قضيته مع معاوية بشأن الجارية التي اشتراها له، فولدت له مسلماً.. الذي وقف من معاوية ذلك الموقف الغريب، والذي كان سفيراً للحسين إلى أهل الكوفة، الذين غدروا به وقتلوه، وقد ناقشنا هذه الرواية على حدة في موضع آخر..

 مكانة عقيل:

لقد كان لعقيل مكانة خاصة في قريش، وكان موضع احترام وتقدير من كل من عرفه ولسنا هنا في صدد استقصاء ما قيل أو يقال حول عقيل ثناءً وتعظيماً.. ونكتفي هنا بأن نضيف إلى عبارة الجاحظ المتقدمة.. أقوال بعض الشعراء فيه، فنقول:

لقد افتخر به جعدة بن هبيرة، فقال:

أبي من بني مخزوم إن كـنت سائلاً               ومــن هــاشـم أمـي لـخير قبيل

فمن ذا الذي يبأى علي بـخـالـه                وخـالي علي ذو الـنـدى وعقيل[54]

وقال قدامة بن موسى بن قدامة بن مظعون:

وخالي بـغـاة الخيـر تـعلـم أنـه                    جدير بـقول الـحق لا يـتـوعـر

وجـدي عـلي ذو التقى وابن امـه                    عقيل وخـالـي ذو الجناحين جعفـر

فنحن ولاة الـخير في كل مـوطــن                    إذا ما ونى عنه رجال وقصروا[55]

وقال حسان بن ثابت في قصيدة له يرثي بها جعفراً، ويمدح بها بني هاشم:

بهتالـيـل منهـم جعفر وابن أمه                 عـلـي ومـنـهـم أحمد المتخير

وحـمـزة والعباس منهم ومنـهـم                عقيل وماء العود من حيث يعصر[56]

إلى غير ذلك مما لا مجال لنا لتتبعه واستقصائه..

 سرّ الافتراء على عقيل:

وأما سرّ الافتراء على عقيل، فلعله يرجع إلى:

1- إن عقيلاً كان له معهم مواقف مشهورة، وأجوبة معروفة في تأييد علي وحق علي.. والإزراء على معاوية وكل من كان على شاكلته، وبيان تفاهات ونقائص مناوئي علي عليه السلام والناصبين له العداء..

2- إنهم كانوا يريدون النيل من علي والحط من كرامته عن طريق النيل من أخيه عقيل والحط من كرامته.. ويريدون أن يقولوا أيضاً إن علياً لا يحتمل، فحتى اخوه لقد فارقه وتركه، وناصر عدوه، فكيف بمن لم يكن أخاً لعلي، ولا تربطه فيه قربى ولا وشائج رحم، ولعلنا نستطيع أن نلمس هذا المعنى من تلك المنقولات المنسوبة إلى معاوية، وأنه وجهها لعقيل عندما فارق أخاه وأتاه..

3- إنهم يريدون أن يضيفوا صحابياً جديداً إلى قائمة المناصرين لمعاوية وكان معاوية بأمس الحاجة للواحد منهم في مقابل علي وجيشه الذي كان يضم الآلاف من الصحابة الأبرار، والمصطفين الأخيار..

4- إنهم يريدون أن ينتقموا لأنفسهم، وينفسوا عن حقدهم، ويغطّوا على مثالبهم، التي مازال يكشفها عقيل العالم بالأنساب، والذي كان له بعد لسانه وأدبه، وكان لا يجارى ولا يبارى، ولا يثبت معه رأي، ولا تلين صفاته من مكيدة..

ولكن تأبى الحقيقة والتاريخ إلا أن يبقى وجه عقيل مشرقاً بابتسامة كلها سخرية وهزء بل واحتقار لكل أولئك الذين نسبوا الباطل إليه، وأجهدوا أنفسهم بالكذب والافتراء عليه..

والحمد لله وصلاته على عباده الذين اصطفى.

17/محرم/1397ﻫ.

جعفر مرتضى العاملي

[1] روي ذلك في أسد الغابة / ج3 ص423.

[2] عمدة الطالب / ص31.

[3] الاستيعاب هامش الإصابة / ج3 ص158، وذخائر العقبى / ص222 وتاريخ الخميس / ج1 ص163، وأسد الغابة / ج3 ص423، والبيان والتبيين / ج2 ص326، والسيرة الحلبية / ج1 ص268، وفيه أن علياً(ع) قال له:

" اصبر حتى يخرج عطاؤك مع المسلمين فأعطيك. فقال له: لأذهبن إلى رجل هو أوصل إليّ منك ".

[4] المعارف / ص88 ورواه في عيون الأخبار / ج2 ص197 عن الأصمعي.

[5] البيان والتبيين / ج2 ص326، وأسد الغابة / ج3 ص424، وقاموس الرجال / ج6 ص321 عنه.

[6] شرح النهج للمعتزلي / ج11 ص251، وأسد الغابة / ج3 ص423، والاستيعاب هامش الإصابة / ج3 ص158، وذخائر العقبى / ص222 عنه، وتاريخ الخميس / ج1 ص163 عنه ايضاً، والسيرة الحلبية / ج1 ص268. ونكت الهميان / ص201.

[7] عيون الأخبار لابن قتيبة / ج2 ص197.

[8] تاريخ الخلفاء للسيوطي / ص204، والسيرة الحلبية / ج1 ص268.

[9] أنساب الأشراف ط الأعلمي / ص73 ج2.

[10] شرح النهج / ج4 ص92، والدرجات الرفيعة / ص158.

[11] العقد الفريد ط دار الكتاب العربي / ج4 ص5، وثمرات الأوراق / ص153، 154 عنه وأمالي السيد المرتضى / ج1 ص276 عنه ايضاً.. وليراجع الموفقيات / ص335.

[12] مروج الذهب / ج3 ص36.

[13] راجع: الغارات للثقفي / ج1 ص64، 65، وأسد الغابة / ج3 ص423 وليراجع: ثامن البحار / ص567، وأمالي ابن الشيخ / ج2 ص335.

[14] العقد الفريد ط دار الكتاب العربي / ج4 ص5، والبيان والتبيين / ج2 ص326، وأمالي المرتضى / ج1 ص276، والاستيعاب هامش الإصابة / ج3 ص158، وأنساب الأشراف / ط الاعلمي / ج2 ص72، وعمدة الطالب ط – النجف / ص31-32، وقاموس الرجال / ج6 ص322 عنه، والدرجات الرفيعة / ص157.

[15] العقد الفريد ط دار الكتاب / ج4 ص4-5، والدرجات الرفيعة / ص161.

[16] ثمرات الأوراق / ص158-159، والعقد الفريد ط دار الكتاب العربي / ج4 ص29، والدرجات الرفيعة / ص161. والغدير ج10 ص260/261 عن العقد وعن المستطرف ج1 ص54.

[17] العقد الفريد / ج4 ص5، وأنساب الأشراف ط الأعلمي / ص73 ج2.

[18] أسد الغابة / ج3 ص423.

[19] شرح النهج للمعتزلي / ج4 ص92، والدرجات الرفيعة.

[20] تاريخ الخلفاء / ص204 عن تاريخ ابن عساكر.

[21] ذخائر العقبى /  ص222، وتاريخ الخميس / ج1 ص163.

[22] غارات الثقفي / ج1 ص64، ونقله المعلق عن ثامن البحار / ص567.

[23] شرح النهج / ج2 ص124.

[24] أمالي ابن الشيخ المطبوعة مع أمالي الشيخ في النجف / ج2 ص334.

[25] راجع: تاريخ الخلفاء / ص204، وشرج النهج / ج2 ص124 وج4 ص92، وأمالي ابن الشيخ / ج2 ص334.

[26] أسد الغابة / ج3 ص424.

[27] مروج الذهب / ج3 ص36.

[28] أسد الغابة / ج3 ص423.

[29] الغارات للثقفي / ج1 ص64-65 وشرح النهج / ج2 ص125.

[30] أمالي ابن الشيخ آخر أمالي الشيخ / ج2 ص335.

[31] أسد الغابة / ج3 ص423، وأمالي ابن الشيخ / ج2 ص335.

[32] راجع: شرج النهج / ج11 ص251، والدرجات الرفيعة / ص155، والشهيد مسلم..

[33] شرح النهج / ج10 ص250.

[34] الاستيعاب هامش الإصابة / ج2 ص357، وتاريخ الخميس / ج1 ص167.

[35] شرح النهج / ج10 ص250.

[36] راجع: شرح النهج / ج11 ص250 وج10 ص250.

[37] شرح النهج / ج2 ص142، والدرجات الرفيعة / ص160.

[38] راجع: الدرجات الرفيعة / ص158-159 وغيره.

[39] راجع: الدرجات الرفيعة / ص158، ولتراجع أيضاً: ص160، وشرح النهج للمعتزلي / ج11 ص253-254، ونهج البلاغة نفسه لأن علياً عليه السلام قد ذكرها في بعض خطبه.

[40] راجع: شرح النهج للمعتزلي / ج11 ص253، والدراجات الرفيعة / ص160.

[41] عمدة الطالب / ص32.

[42] راجع: التنبيه والأشراف / ص256، وتاريخ الطبري / ج4 ص52 عن الواقدي.. ويدل على ذلك أيضاً: أن المسعودي في التنبيه والأشراف، وتاريخ اليعقوبي / ج2 ص193 ط صادر قد ذكرا أن وقعة النهروان كانت سنة 39، وهو ما يقتضيه قول أبي مريم والواقدي والمسعودي بأن بين الحكمين والنهروان سنة وشهران، حيث إن النهروان تكون على هذا في ذي القعدة سنة 39.

[43] الغارات للثقفي / ج2 ص429-430، وشرح النهج / ج2 ص118-119، وأنساب الأشراف ط الأعلمي / ج2 ص74-75، والأغاني ط ساسي / ج15 ص46، والبحار ط حجرية / ج8 ص621،673، وجمهرة رسائل العرب / ج1 ص595، ونهج السعادة / ج5 ص300، وسفينة البحار / ج2 ص215، وأشار إليها في العقد الفريد ط دار الكتاب / ج2 ص356، وج3 ص504، وذكرها ايضاً في الدرجات الرفيعة / ص155-157.

وفي الإمامة والسياسة / ج1 ص53-54 ط سنة 1967م، وقاموس الرجال / ج6 ص323 عنه..

أن عقيلاً قد التقى بعائشة، وطلحة، والزبير، أيضاً.. وهذا كذب لأن طلحة والزبير كانا قد قتلا قبل غارة الضحاك بسنوات !! ولا يخفى سر زيادة ذلك في رسالة عقيل..

[44] شرح النهج للمعتزلي / ج11 ص253، والدرجات الرفيعة / ص160.

[45] أنساب الأشراف ط الاعلمي / ج2 ص72.

[46] الاستيعاب هامش الإصابة / ج3 ص158، وذخائر العقبى / ص222 عنه، وتاريخ الخميس / ج1 ص163، وشرح النهج / ج11 ص250، ونكت الهميان / ص200 والدرجات الرفيعة / ص154، والمنمق / ص484.

[47] الاستيعاب هامش الإصابة / ج3 ص158، وأسد الغابة / ج3 ص423، ونكت الهميان / ص200.

[48] البيان والتبيين / ج2 ص324.

[49] البيان والتبيين / ج2 ص326.

[50] طبقات ابن سعد / ج4 ص30 قسم1 ط ليدن، وعنه في الإصابة / ج3 ص494، وأسد الغابة / ج3 ص422، وتهذيب الأسماء واللغات / ج1 ص337 لكنه لم يذكر خيبراً.

[51] أسد الغابة / ج3 ص423، والإصابة / ج3 ص494 عن الزبير بن بكار عن الحسن بن علي، وتهذيب التهذيب ج7 ص254، عن الحسين بن علي..

[52] سيرة ابن هشام / ج4 ص135، وانساب الأشراف ط الأعلمي / ج2 ص71 باختصار، وطبقات ابن سعد / ج4 قسم1 ص30 إلا أن هذا الأخير لم يذكر: أن ذلك كان يوم حنين.. وأسد الغابة / ج5 ص525 والإصابة / ج4 ص382 وغير ذلك.

[53] مجمع الزوائد / ج9 ص373، وراجع: تهذيب الأسماء واللغات للنووي / ج1 ص337، ومكاتيب الرسول / ج2 ص535 عن عدة مصادر.

[54] البيان والتبيين / ج2 ص324، وشرح النهج للمعتزلي / ج10 ص79 ونسب قريش ص344.

[55] البيان والتبيين / ج2 ص324-325.

[56] سيرة ابن هشام / ج4 ص37، وديوان حسان ط ليدن / ص23، وشرح النهج / ج15 ص63.

 

طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 2014/02/06  ||  القرّاء : 13841










البحث في الموقع


  

جديد الموقع



 مسابقه کتابخوانی نبراس‌۱

 لحظات الهجوم الاول على دار الزهراء عليها السلام

 كربلاء فوق الشبهات

ملفات منوعة



 هل سمم اليهود النبي (ص)؟!

 هل هذا من الغلو؟

 ما هو ردنا على المستشرقين والمشككين في الاسلام؟

إحصاءات

  • الأقسام الرئيسية 12

  • الأقسام الفرعية 64

  • عدد المواضيع 696

  • التصفحات 6894332

  • المتواجدون الآن 1

  • التاريخ 28/03/2024 - 11:36





تصميم، برمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net