بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي حفظه المولى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هناك سؤال يقلق مضجعي منذ مدة، ولم أجد عند أحد الجواب الشافي عليه. وقد أشار علي بعض الإخوة بتوجيهه إليكم لعل الله يوفقني وأجده عند سماحتكم.
ورد في الروايات أن علياً × عندما أرسل ابن عباس إلى الخوارج ليحاججهم أمره بأن لا يحتج عليهم بالقرآن لأنه حمال ذو أوجه وإنما يحتج عليهم بالسنة الشريفة.
وهذا الوصف للقرآن منه × نجد حقانيته تتجسد فيما نراه من ذهاب المسلمين وتفرقهم إلى مذاهب شتى في تفسير القرآن.
ونجد في الروايات أيضاً أنه لا بد لمن يريد تفسير القرآن أو تأويله من أن يعلم ناسخه من منسوخه وعمومه من خصوصه وأن له بطوناً وغير ذلك من أوصاف.
ونجد أيضاً الروايات التي تتحدث عن أن أهل البيت ^ هم الأعلم بكتاب الله والأعلم بتأويله، وحسبنا ما جاء في خطبة الزهراء ÷: >أم تدّعون أنكم أعلم بكتاب الله من أبي وابن عمي...<.
وفي مقابل ذلك كله نجد أن الروايات تدعو إلى عرض ما جاء عنهم ^ على كتاب الله والأخذ بما وافقه والإعراض عما خالفه، أو بحسب نص الروايات >فاضربوا به عرض الحائط< وفي بعضها >فهو زخرف<.
ومن هنا يظهر لنا السؤال التالي:
كيف يمكن عرض الحديث على كتاب الله الذي هو حمال ذو أوجه؟
وكيف نعرض ما نقل عنهم ^ على كتاب الله وهم الأعلم بتأويله؟
علماً بأننا إنما نعرض بالحقيقة على ما فهمناه من معاني القران وقد يكون هذا الفهم صحيحا وقد يكون غير ذلك!!!
ولنأخذ مثلا على ذلك العلامة الطباطبائي وقضية تزاوج أبناء آدم× فإنه & يذهب إلى أن التناسل إنما حصل من خلال تزوج الإخوة بالأخوات وأن ذلك ظاهر قوله تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} وهو & يرد الروايات النافية لحصول مثل هذا التزاوج بكونها تتعارض مع هذه الآية، ومن الواضح أن العلامة الطباطبائي & إنما عمل بمقتضى عرض الروايات على الكتاب.
لكننا في المقابل نجد أن جل العلماء لا يذهبون مذهبه ولا يرون ظهورا للآية في ذلك، ومنهم سماحتكم كما يظهر ذلك في كتابكم الموسوم >خلفيات<.
ولعل الأوضح مثالا من العلامة الطباطبائي هو ذلك >البعض< الذي كتبتم >الخلفيات< للرد على مقولاته، إذ أن الكثير من القضايا التي أنكرها اعتمد في إنكارها على ما >استوحاه< من كتاب الله وحسبنا من الأمثلة على ذلك:
ـ إنكاره للشفاعة الحقيقية (واعتبارها شكلية).
ـ إنكاره للولاية التكوينية (القرآن كله يشهد على عدم الولاية التكوينية، هكذا قال).
ـ حديثه عن نقاط الضعف البشري عند الأنبياء وادعاؤه أن القرآن يركز على هذه النقاط، وهذه المقولة بالذات هي التي أودت بالرجل إلى ما أودت به من آراء حول العصمة.
وعلى أي حال، فانه بالمقابل لا مجال لنا لرد الروايات التي تتحدث عن عرض السنة على الكتاب لأنها من الكثرة بحيث نقطع بتواترها المعنوي على الأقل.
من خلال ذلك كله نجد أنه: لا بد أن يكون المقصود من عرض السنة على الكتاب هو في موارد مخصوصة لا مطلقا، وبالتالي وجود ضوابط ومعايير في الموارد التي ينبغي فيها عرض السنة على الكتاب.
فهل ما ذكرناه صحيح؟
وإذا كان كذلك فما هي هذه الموارد وتلك المعايير والضوابط؟
مولاي الكريم: رغم اطلاعي المحدود جدا والقاصر جداً على ما خطه علماؤنا حول هذا الموضوع فإنني لم أجد من عالج هذا الإشكال وأشار إلى هذه الأسئلة فضلاً عن أن يكون قد أجاب عليها مولاي العزيز إننا إذ نعلم أن هذه الإشكالية إنما توجه إلى خصوص مذهبنا الحق دون الآخرين لقولهم بحاكمية السنة على الكتاب فإنني أعتقد أن الإجابة على هذه الأسئلة من الضرورة بمكان أن يجاب عليها بشكل تفصيلي لا مختصر فإن ذلك من شأنه أن يحل الكثير من الأمور ويوضح الكثير من اللبس.
مولاي الفاضل: إنني أنتظر إجابتكم الكريمة بفارغ الصبر وأنا على ثقة تامة بأن عندكم الجواب الشافي والوافي بإذن الله تعالى.
وتقبلوا منا خالص التحية وأحرها والدعاء بالعافية ودوامها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.