||   الموقع بإشرف السيد محمد مرتضى العاملي / پايگاه اينترنتى تحت اشرف سيد محمد مرتضى عاملي مي‌باشد   ||   الموقع باللغة الفارسية   ||   شرح وتفسير بعض الأحاديث..   ||   لقد تم افتتاح الموقع أمام الزوار الكرام بتاريخ: 28/جمادی الأولی/ 1435 هـ.ق 1393/01/10 هـ.ش 2014/03/30 م   ||   السلام عليكم ورحمة الله.. أهلاً وسهلا بكم في موقع سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي.. نود إعلامكم أن الموقع قيد التحديث المستمر فترقبوا المزيد يومياً..   ||  



الصفحة الرئيسية

السيرة الذاتية

أخبار النشاطات والمتابعات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

المؤلفات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الأسئلة والأجوبة

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

التوجيهات والإرشادات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الحوارات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

النتاجات العلمية والفكرية

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الدروس

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

الصور والتسجيلات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مركز نشر وترجمة المؤلفات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مختارات

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

مركز الطباعة والنشر

شريط الصور


  • ابن عربي سني متعصب غلاف
  • رد الشمس لعلي
  • سياسة الحرب غلاف
  • زواج المتعة
  • الولاية التشريعية
  • كربلا فوق الشبهات جديد
  • علي ويوشع
  • طريق الحق
  • توضيح الواضحات
  • دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ط ايران
  • تخطيط المدن في الإسلام
  • تفسير سورة الماعون
  • تفسير سورة الكوثر (التاريخ العربي)
  • تفسير سورة هل أتى
  • تفسير سورة الناس(التاريخ العربي)
  • تفسير سورة الكوثر
  • تفسير سورة الفاتحة (التاريخ العربي)
  • السوق في ضل الدولة الإسلامية
  • سنابل المجد
  • سلمان الفارسي في مواجهة التحدي
  • الصحيح من سيرة الإمام علي ج 3
  • الصحيح من سيرة الإمام علي
  • صفوة الصحيح فارسي
  • رد الشمس لعلي
  • كربلاء فوق الشبهات
  • اكذوبتان حول الشريف الرضي
  • منطلقات البحث العلمي
  • مختصر مفيد
  • المقابلة بالمثل
  • ميزان الحق ط 1
  • ميزان الحق (موضوعي)
  • موقف الإمام علي (عليه السلام) في الحديبية
  • المراسم والمواسم _ إيراني
  • المواسم والمراسم
  • مقالات ودراسات
  • مأساة الزهراء غلاف
  • مأساة الزهراء مجلد
  • لماذا كتاب مأساة الزهراء (عليها السلام)؟!
  • لست بفوق أن أخطئ
  •  خسائر الحرب وتعويضاتها
  • علي عليه السلام والخوارج
  • ظاهرة القارونية
  • كربلاء فوق الشبهات
  • حقوق الحيوان
  • الحاخام المهزوم
  • الحياة السياسية للإمام الجواد
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع سيرة
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع
  • الحياة السياسية للإمام الحسن ع ايران
  • الحياة السياسية للإمام الرضا ع
  • إدارة الحرمين الشريفين
  • ابن عباس ـ ايران
  • ابن عربي سني متعصب
  • ابن عباس وأموال البصرة
  • دراسة في علامات الظهور مجلد
  • بلغة الآمل
  • براءة آدم (ع)
  • بنات النبي أم ربائبه غلاف
  • بنات النبي أم ربائبه
  • عرفت معنى الشفاعة
  • الصحيح1
  • الصحيح 2
  • الصحيح8
  • الجزيرة الخضراء
  • الجزيرة الخضراء
  • الصحيح
  • الغدير والمعارضون لبنان
  • الغدير والمعارضون
  • الأداب الطيبة المركز
  • الآداب الطبية في الإسلام
  • البنات ربائب
  • علامات الظهور
  • علامات الظهور قديم
  • أحيو امرنا
  • أهل البيت في آية التطهير
  • افلا تذكرون
  • ابوذر
  •  بنات النبي (صلى الله عليه وآله) أم ربائبه؟!
  • الإمام علي والنبي يوشع
  • براءة آدم (ع)
  • الغدير والمعارضون
  • الإمام علي والخوارج
  • منطلقات البحت العلمي
  • مأساة الزهراء عليها السلام

خدمات

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا





  • القسم الرئيسي : الأسئلة والأجوبة .

        • القسم الفرعي : الأسئلة الفقهية .

              • الموضوع : الحبس على التهمة في الأموال.. .

الحبس على التهمة في الأموال..

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

السيد جعفر مرتضى العاملي «حفظه الله»..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..

إذا سرق مال من محفظة، توجد في غرفة كان فيها جماعة، فهل لنا أن نحتجز أحد هذه الجماعة للتحقيق معه على اعتبار أننا نعلم أن السارق هو أحد هذه الجماعة.. مع العلم بأن الظن يتجه لخصوص هذا الشخص المحتجز دون سواه، لأجل ما له من سوابق في هذا الاتجاه؟! وما الدليل؟!

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..


الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

وبعد..

يجوز احتجاز مثل هذا الشخص للتحقيق معه.. ولاسيما بملاحظة:

أولاً: ما له من سوابق مريبة..

ثانياً: أن أمر اختلاس الأموال منحصر في هذه الجماعة التي هو أحدها..

والشاهد على ذلك:

1 ـ قصة مصقلة بن هبيرة، فإنه بعد أن اشترى أسارى بني ناجية، وكانوا نصارى، وأعتقهم فر إلى معاوية، فقال «عليه السلام»: «أما إنه لو أقام فعجز ما زدنا على حبسه، فإن وجدنا له شيئاً أخذناه، وإن لم نقدر له على مال تركناه»(1).

فقد صرح «عليه السلام»: بأنه يريد أن يحبسه إلى أن يتبين الأمر، فهو حبس احتياطي في مدة التقصي والتحقيق.

2 ـ ما دل على جواز حبس المديون الذي يدعي الإفلاس، فإذا تبين إفلاسه وحاجته أطلق سبيله حتى يستفيد مالاً، وقد روي: أن أمير المؤمنين «عليه السلام» قد قضى بهذا.

وروي ذلك عن الأصبغ بن نباتة، عن علي «عليه السلام».

ورواه الطوسي عن الصفار، عن محمد بن يحيى، عن غياث، عن أبيه(2).

3 ـ وفي رواية أخرى عن محمد بن علي بن محبوب، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه «عليهما السلام»: أن علياً «عليه السلام» كان يحبس في الدين، ثم ينظر، فإن كان له مال أعطى الغرماء، وإن لم يكن له مال دفعه إلى الغرماء، فيقول لهم: اصنعوا به ما شئتم، إن شئتم آجروه، وإن شئتم استعلموه الخ..(3).

4 ـ عن أبي جعفر «عليه السلام»: أن علياً «عليه السلام» قال: إنما الحبس حتى يتبين للإمام، فما حبس بعد ذلك فهو جور(4).

5 ـ عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده: أن النبي «صلى الله عليه وآله» حبس رجلاً في تهمة. ونحوه عن أبي هريرة(5).

6 ـ وروي عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده: أن النبي «صلى الله عليه وآله» حبس ناساً من قومه في تهمة. فراجع(6).

فالحبس هنا ليس على سبيل العقوبة للمحبوس، وإنما هو حبس احتياطي إلى أن يعلم واقع الحال.

وقد أفتى بهذا الشيخ المفيد «قدس سره»، فقال: «وإن لم صحة دعواه في الإعسار، كان له حبسه حتى يرضى خصمه»(7).

وبهذا أفتى أبو الصلاح الحلبي(8)، وسلار بن عبد العزيز(9)، والمحقق الحلي(10)، ويحيى بن سعيد(11)، والعلامة(12)، والشهيد الأول(13)، والشهيد الثاني(14)، والشيخ البهائي(15)، وصاحب مفتاح الكرامة(16)، والفاضل المقداد(17)، وصاحب الرياض(18)، والسيد الخونساري(19)، والمحقق العراقي(20)، والسيد السبزواري(21)، والسيد الخميني(22).

وقد ورد: أن المتهم بالقتل يحبس ستة أيام، فإن جاء أولياء المقتول بما يثبت به القتل فهو، وإلا خلي سبيله(23).

وأمر الدماء، وإن كان شديداً، فيحتمل أن يكون هذا الحكم خاصاً بأمر الدماء ولا يتعداه، ولكن وجود شواهد أخرى ترتبط بالحبس للتحفظ على الأموال أيضاً ـ وهي الشواهد المتقدم ذكرها في البداية ـ يسمح للباحث بضم هذه إلى تلك، واستنتاج جواز الحبس بهدف التحقيق في موارد التهم المالية أيضاً.. ولاسيما مع وجود بعض المطلقات التي وردت في كتب أبناء العامة أيضاً.

مع ملاحظة: أن هذا الحبس ليس حبس عقوبة، وإنما هو مجرد احتجاز بهدف كشف الأمر.

عقوبة الخيانات المالية الكبرى

وما دام الكلام عن الخيانة المالية، فإنني أحب أن أذكِّر الأخ السائل بنصين يرتبطان بهذا الموضوع، وهما كما يلي:

النص الأول:

ما روي من أن أمير المؤمنين «عليه السلام» جعل علي بن أصمع على البارجاه (موضع بالبصرة، والكلمة فارسية (بارگاه). معناه: الموضع الذي تجتمع فيه البضائع المختلفة)، فظهرت منه خيانة، فقطع أصابع يده، ثم عاش حتى أدرك الحجاج؛ فاعترضه يوماً، فقال: أيها الأمير، إن أهلي عقوني.

قال : بم ذاك؟!

قال: سموني علياً.

قال: ما أحسن ما لطفت. ثم ولاه ولاية، ثم قال: والله لئن بلغتني عنك خيانة لأقطعن ما أبقى علي من يدك(24).

وقال ابن خلكان: إن الحجاج ولاه سمك البارجاه بالبصرة(25).

النص الثاني:

إن علياً «عليه السلام» كتب لرفاعة بن شداد، قاضيه على الأهواز في تأديب ابن هرمة ـ الذي كان على سوق الأهواز فخان ـ كتب إليه كتاباً يقول فيه:

«..إذا قرأت كتابي هذا، فنحّ ابن هرمة عن السوق، وأوقفه للناس، واسجنه، وناد عليه، واكتب إلى أهل عملك، تعلمهم رأيي فيه، ولا تأخذك فيه غفلة، ولا تفريط، فتهلك عند الله، وأعزلك أخبث عزلة ـ وأعيذك بالله منه.

فإذا كان يوم الجمعة، فأخرجه من السجن، واضربه خمسة وثلاثين سوطاً، وطف به إلى الأسواق، فمن أتى عليه بشاهد، فحلفه مع شاهده، وادفع إليه من مكسبه ما شهد به عليه.

ومر به إلى السجن مهاناً منبوحاً(26). واحزم رجليه بحزام، وأخرجه وقت الصلاة.

ولا تحل بينه وبين من يأتيه بمطعم أو مشرب، أو ملبس، أو مفرش.

ولا تدع أحداً يدخل إليه ممن يلقنه اللدد، ويرجيه الخلاص (الخلوص خ ل)، فإن صح عندك: أن أحداً لقنه ما يضر به مسلماً، فاضربه بالدرة، واحبسه حتى يتوب.

ومر بإخراج أهل السجن في الليل إلى صحن السجن ليتفرجوا (ليفرجوا خ ل)، غير ابن هرمة، إلا أن تخاف موته، فتخرجه مع أهل السجن إلى الصحن.

فإن رأيت به طاقة، أو استطاعة، فاضربه بعد ثلاثين يوماً خمسة وثلاثين سوطاً، بعد الخمسة والثلاثين الأولى.

واكتب إلي بما فعلت (صنعت خ ل) في السوق، ومن اخترت بعد الخائن. واقطع عن الخائن رزقه(27).

والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله..

جعفر مرتضى العاملي..

ملحق: الحبس على المداهنة والمحاباة والتضييع..

لتتم الفائدة نورد هذا الملحق الذي كنا قد أوردناه في كتابنا: الصحيح من سيرة الإمام علي «عليه السلام»..

غارات عبد الله بن مسعدة:

قال الطبري:

عن عوانة قال: وجه معاوية [ في سنة 39 هـ] أيضاً عبد الله بن مسعدة الفزاري في ألف وسبعمائة رجل إلى تيماء، وأمره أن يصدق من مر به من أهل البوادي، وأن يقتل من امتنع من إعطائه صدقة ماله، ثم يأتي مكة والمدينة والحجاز، يفعل ذلك، [وأن يكتب بخبره كل يوم]، واجتمع إليه بشر كثير من قومه.

فلما بلغ ذلك علياً وجه المسيب بن نجبة الفزاري، فسار حتى لحق ابن مسعدة بتيماء، فاقتتلوا ذلك اليوم حتى زالت الشمس قتالاً شديداً، وحمل المسيب على ابن مسعدة فضربه ثلاث ضربات، كل ذلك لا يلتمس قتله، ويقول له: النجاء، النجاء.

فدخل ابن مسعدة وعامة من معه الحصن، وهرب الباقون منهم نحو أهل الشام، وانتهب الأعراب إبل الصدقة التي كانت مع ابن مسعدة.

وحصره ومن كان معه المسيب ثلاثة أيام، ثم ألقى الحطب على الباب، وألقى النيران فيه، حتى احترق.

فلما أحسوا بالهلاك أشرفوا على المسيب فقالوا: يا مسيب! قومك! فرقَّ لهم، وكره هلاكهم، فأمر بالنار فأطفئت.

وقال لأصحابه: قد جاءتني عيون فأخبروني أن جنداً قد أقبل إليكم من الشام، فانضموا في مكان واحد.

فخرج ابن مسعدة في أصحابه ليلاً حتى لحقوا بالشام.

فقال له عبد الرحمن بن شبيب: سر بنا في طلبهم. فأبى ذلك عليه.

فقال له: غششت أمير المؤمنين، وداهنت في أمرهم(28).

وقال اليعقوبي:

بعث معاوية عبد الله بن مسعدة بن حذيفة بن بدر الفزاري في جريدة خيل، وأمره أن يقصد المدينة ومكة فسار في ألف وسبعمائة.

فلما أتى علياً الخبر وجه المسيب بن نجبة الفزاري، فقال له: يا مسيب! إنك ممن أثق بصلاحه وبأسه ونصيحته، فتوجه إلى هؤلاء القوم وأثر فيهم، وإن كانوا قومك.

فقال له المسيب: يا أمير المؤمنين! إن من سعادتي أن كنت من ثقاتك.

فخرج في ألفي رجل من همدان وطيء وغيرهم، وأغذ السير، وقدم مقدمته، فلقوا عبد الله بن مسعدة، فقاتلوه، فلحقهم المسيب، فقاتلهم حتى أمكنه أخذ ابن مسعدة، فجعل يتحاماه.

وانهزم ابن مسعدة، فتحصن بتيماء، وأحاط المسيب بالحصن، فحصر ابن مسعدة وأصحابه ثلاثاً، فناداه: يا مسيب! إنما نحن قومك، فليمسِّك الرحم، فخلى لابن مسعدة وأصحابه الطريق، ونجا من الحصن.

فلما جنَّهم الليل خرجوا من تحت ليلتهم حتى لحقوا بالشام، وصبح المسيب الحصن، فلم يجد أحداً.

فقال عبد الرحمن بن شبيب: داهنت والله يا مسيب في أمرهم، وغششت أمير المؤمنين.

وقدم على علي، فقال له علي: يا مسيب! كنت من نصاحي، ثم فعلت ما فعلت! فحبسه أياماً، ثم أطلقه، وولاه قبض الصدقة بالكوفة(29).

وعند البلاذري:

وقدم المسيب على علي وقد بلغه الخبر، فحجبه أياماً ثم دعا به فوبخه وقال [ له: يا مسيب] حابيت قومك وداهنت وضيعت؟!

فاعتذر إليه، وكلمه وجوه أهل الكوفة في الرضاء عنه، فلم يجبهم، وربطه إلى سارية من سواري المسجد.

ويقال: إنه حبسه ثم دعا به، فقال له: إنه قد كلمني فيك من أنت أرجى عندي منه، فكرهت أن يكون لأحد منهم عندك يد دوني. وأظهر الرضا عنه، وولاه قبض الصدقة بالكوفة، فأشرك في ذلك بينه وبين عبد الرحمان بن محمد الكندي.

ثم إنه حاسبهما فلم يجد عليهما شيئاً.

فوجههما بعد ذلك في عمل ولاهما إياه، فلم يجد عليهما سبيلاً.

فقال: لو كان الناس كلهم مثل هذين الرجلين الصالحين، ماضر صاحب غنم لو خلاها بلا راع، وما ضر المسلمات لا تغلق عليهن الأبواب، وما ضر تاجراً لو ألقى تجارته بالعراء(30).

ونقول:

قتل من لا يعطي الزكاة:

تقدم: أن معاوية أمر عبد الله بن مسعدة أن يغير على تيماء، ويأخذ الصدقة من أهلها، وأمره بقتل من امتنع عن إعطائها.

وهذا أمر غريب وعجيب، فإن الإمتناع عن دفع الصدقة لا يجيز قتل الممتنع.. إلا إذا كان يريد معاوية تقليد خالد بن الوليد في قتله لمالك بن نويرة وأصحابه، وفي قتله لمانعي الزكاة، وهم الذين امتنعوا من إعطائها لأبي بكر، لأنه ليس هو الخليفة الذي بويع يوم الغدير، فاستحل أبو بكر دماءهم وقال:

لو منعوني عقال بعير لقاتلتهم عليه، وقد عارضه في ذلك في بداية الأمر عمر بن الخطاب، وغيره من الصحابة، ثم قَبِل وانضم إليه..

وفي غارة معاوية على دومة الجندل، ومحاصرتها، ومحاولة أخذ الصدقة من أهلها بالقوة نجد: أن أمير المؤمنين قد قاتل جيش معاوية ودفعه عنهم، ثم لم يرضوا بالبيعة له «عليه السلام»، فضلاً عن إعطائه الصدقة، ولم يجبرهم «عليه السلام» على ذلك. فراجع..

عقوبة المسيب:

إنه «عليه السلام» بقوله للمسيب: بأنه قد اختاره ليكون هو الذي يواجه قومه، كان يريد أن يحذره من الوقوع تحت تأثير العصبية العشائرية، فكان الأحرى بالمسيب أن يراعي هذه الخصوصية، وأن يكون ناصحاً لإمامه الذي صرح له: بأنه قد وضع ثقته به. وأن يحفظ ماء وجه إمامه، ولا يخيب ظنه فيه.. ولكنه سقط في الإمتحان، فاستحق هذا المقدار من العقوبة..

وقد دلنا «عليه السلام» بهذه العقوبة على العديد من الأمور، مثل:

1 ـ أن القائد إذا أخطأ ولو كان الخطأ هو من قبيل الإنسياق غير الواضح مع العصبية العشائرية، فإنه يحاسب عليه، ويعاتب، ويعاقب.

2 ـ إن نفس التشهير بالمسيب، وتوبيخه، وعتابه، وفضح أمره من قبل إمامه، واهتزاز ثقته به، عقوبة صعبة بالغة التأثير عند أهل النبل والشهامة، وأهل العزة والكرامة..

3 ـ إنه «عليه السلام» حبسه أياماً، لأن جرمه كان يقتضي ذلك، وهي عقوبة من شأنها أن تعرِّف الناس: بأن عليهم أن لا يستسهلوا أمثال هذه الأمور، ولا يظنوا أن عقوبة فاعلها سوى سماع بضع كلمات تقريع، أو شيء من العتب واللوم وينتهي الأمر.. بل هناك فضيحة، وهتك حرمة، وتقريع وحبس أحياناً، وضرب أحياناً أخرى، كما جرى لابن العشبة، وربما أكثر من ذلك ثالثة..

4 ـ إنه «عليه السلام» قد ربط المسيب إلى سارية من سوارى المسجد، وهذا فيه قدر من الإذلال والتوهين لأمر المسيب، وإنما أذله جرمه، وأوبقه ذنبه، وللإمام أن يعاقب بما يكون رادعاً ومؤثراً.

5 ـ إنه «عليه السلام» لم يقبل شفاعة الشافعين بالمسيب، لأن ذلك يصبح ديناً على المسيب يرى نفسه ملزماً بمكافأتهم عليه، وربما اضطره ذلك إلى مراعاة خواطرهم في أمور لا تكون راجحة أحياناً، وربما تخالف الشرع أو المصلحة أحياناً أخرى.

6 ـ إنه «عليه السلام» بعد كل هذا أعطى المسيب نفخة ثقة ورضا.. حيث ميَّزه على الذين شفعوا فيه، وعرَّفه أنه أرجى عنده منهم.. فلماذا يجعل لهم يداً عنده، وهو أكثر استقامة منهم؟! أو فقل هو أقرب إلى الصلاح منهم.

7 ـ إنه «عليه السلام» عاد فولاه الصدقة بالكوفة، ليدلنا على أن الذنب لا يعني استبعاد المذنب، والحكم بعدم صلاحيته لأي عمل بعد هذا..

بل إذا ظهرت توبته، وعلم صدقه فيها، فلا مانع من إعادة الإعتبار له، والإستفادة منه في الموضع اللائق به.

الإفراط في الشدة، والإفراط في اللين:

وإذا نظرنا إلى طريقة تعامل المسيب مع ابن مسعدة وأصحابه، نجد فيها إفراطاً في الشدة، فإن الإقتتال الذي خاضه معهم في النهار كان شديداً.. حتى هربت طائفة من أصحاب ابن مسعدة باتجاه الشام، ودخلت طائفة مع ابن مسعدة إلى الحصن.

ثم إنه حصر الذين لجأوا إلى الحصن ثلاثة أيام. ثم ألقى الحطب على الباب، وألقى النيران فيه حتى احترق، وأحسّ الذين في داخل الحصن بالهلاك.

وفي مقابل ذلك: نجد منه إفراطاً في اللين، إلى حد التفريط بالمصلحة العامة.. فالمسيب حين يلتقي بابن مسعدة يضربه ثلاث ضربات، لا يلتمس بها قتله، ويأمره بأن ينجو بنفسه، فيقول: النجاء، النجاء.

وكان قادراً على أسره، ولكنه تحاماه، حتى انهزم ودخل حصن تيماء.. ولما ناشده ابن مسعدة الرحم رق المسيب له ولأصحابه، وأمر بإطفاء النار، وكره هلاكهم.

ثم زعم للناس: أن عيونه أخبرته بجند قادم عليهم من الشام، تمهيداً لجمع أصحابه في مكان واحد، وتخلية الطريق لابن مسعدة، ليخرج هو وأصحابه ليلاً من الحصن هاربين إلى الشام.. فلما طالبه ابن شبيب بملاحقتهم أبى ذلك عليه.

وكل ذلك دل ابن شبيب وغيره على أنه غَشَّ إمامه، وداهن أمر العدو، حتى مكَّنه من الهرب.

توالي الإختبارات، وتقليد الوسام:

وقد لفت نظرنا: أنه «عليه السلام» بالرغم من أنه أظهر الرضا عن المسيب، وبالرغم من أنه لم يرض شفاعة الشافعين به، لأنه عنده أرجى منهم..

وبالرغم من أنه ولاه قبض الصدقة في الكوفة، فدلنا بذلك كله على أن على الحاكم أن لا يترك الحذر معهم في مقام العمل، حتى لو كان يثق بهم. فلا بد أن يجعلهم تحت الرقابة إلى أن تثبت سلامة المسار والصدق والأمانة بالممارسة العلمية مرة بعد أخرى..

فأوكل إلى المسيب مهمة تحمل معها من المغريات ما يسيل له لعاب أهل الأطماع.. فقد ولاه الصدقات في الكوفة، أي أنه قد جعل أموال الصدقات لأكبر تجمع سكاني في الدولة الإسلامية بين يديه، وأمام عينيه. فإن لم تكن لديه حصانة تمنعه من الإستجابة، لحبه الطاغي للمال، ﴿وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾(31). فسيكون حاله مصداقاً لقول الشاعر:

ألقــاه فــي اليم مكتوفـاً وقال له          إيــاك إيــــاك أن تبــتــل بالـماء

وبعد تصريح أمير المؤمنين «عليه السلام» للمسيب بثقته به، وإجابة المسيب له بقوله: «يا أمير المؤمنين.. إن من سعادتي أن كنت من ثقاتك». فمن الطبيعي أن لا يخطر على بال المسيب أنه سوف يتعرض للمساءلة والمحاسبة.

ولكن أمير المؤمنين «عليه السلام» خيَّب ظنه، ودعاه للمحاسبة، فلم يجد عليه شيئاً.. وهذه كانت المرة الأولى.

ثم ولاه بعد ذلك عملاً آخر.. ولعله ظن أن المرة الأولى قد أزالت كل شك، واطمأن إلى ثقة أمير المؤمنين «عليه السلام» به.. ولكنه «عليه السلام» عاد فحاسبه مرة أخرى، فلم يجد عليه سبيلاً أيضاً.. وحينئذٍ استحق أن يمنحه هو وشريكه وسام الأمانة والصلاح، حيث قال عنه، وعن عبد الرحمان بن محمد الكندي: «لو كان الناس كلهم مثل هذين الرجلين الصالحين، ما ضر صاحب غنم لو خلاها بلا راع، وما ضر المسلمات لا تغلق عليهن الأبواب، وما ضر تاجراً لو ألقى تجارته بالعراء».

وهذه شهادة خالدة لهما: بأنهما في غاية العفة والأمانة والصلاح.

وهو يدل أيضاً على ضرورة تنويه الحاكم بالأعمال الصالحة لعماله، ليترسخ معنى الأمانة فيهم، ولكي يرغب الناس بالصلاح وبالخير والفلاح.

والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..

جعفر مرتضى العاملي


(1) مستدرك الوسائل ج17 ص404 والغارات للثقفي ج1 ص366 وبحار الأنوار ج33 ص417 وقاموس الرجال للتستري ج10 ص90 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص145 ونهج السعادة ج2 ص487 وج5 ص191 وتاريخ مدينة دمشق ج58 ص272 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص100.

(2) تهذيب الأحكام ج6 ص232 و 196 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص19 والإستبصار ج3 ص47 والنهاية للطوسي ص354 ومسند زيد ص262.

(3) راجع: تهذيب الأحكام ج6 ص300 والاستبصار ج3 ص47 ووسائل الشيعة (آل البيت) ج18 ص418 و 419 و (الإسلامية) ج13 ص148 .

(4) راجع: السنن الكبرى للبيهقي ج6 ص53 كتاب التفليس، باب حبسه إِذا اتّهم.

(5) راجع: المستدرك للحاكم ج3 ص102 وسنن الترمذي ج4 ص28 وقال الشوكاني: رواه الخمسة إلا ابن ماجة (نيل الأوطار ج7 ص152) وكشف الأستار ج2 ص128.

(6) راجع: المصنف للصنعاني ج10 ص216 ومسند أحمد ج5 ص2 وسنن أبي داود ج3 ص314 وسنن الترمذي ج4 ص28 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص53 والتراتيب الإدارية ج1 ص296.

(7) راجع: المقنعة ص114 وراجع ص111.

(8) راجع: المراسم ص230.

(9) راجع: الكافي لأبي الصلاح الحلبي ص341 و 343 و 347.

(10) راجع: الشرائع ج2 ص95.

(11) راجع: الجامع للشرايع ص284 و 285.

(12) تذكرة الفقهاء ج2 ص59 وقواعد الأحكام ج2 ص209 وج1 ص176.

(13) القواعد والفوائد ج2 ص192 واللمعة الدمشقية (مطبوع مع الروضة البهية) ج4 ص39.

(14) راجع: الروضة البهية ج4 ص39.

(15) راجع: جامع عباسي ص359 وراجع ص354.

(16) راجع: مفتاح الكرامة ج10 ص74.

(17)  نضد القواعد الفقهية ص499.

(18)  رياض المسائل ج2 ص396.

(19)  جامع المدارك ج6 ص25.

(20)  شرح التبصرة (القضاء) ص78.

(21)  مهذب الأحكام ج27 ص89.

(22)  تحرير الوسيلة ج2 ص275.

(23) راجع: الكافي ج7 ص370 وتهذيب الأحكام ج10 ص152 و 174 و 312 ومرآة العقول ج24 ص203 و 204 وملاذ الأخيار ج16 ص303 و 356 و 681 وراجع: دعائم الإسلام ج2 ص404 و 539 ومستدرك الوسائل ج17 ص385 و 403 وج18 ص272 ووسائل الشيعة (ط الإسلامية) ج18 ص204 وعجائب أحكام أمير المؤمنين «عليه السلام» ص62.

(24) الإشتقاق ص272 ووفيات الأعيان (ط دار صادر) ج3 ص175.

(25) وفيات الأعيان (ط دار صادر) ج3 ص175.

(26) لعل الصحيح: مقبوحاً.

(27) دعائم الإسلام ج2 ص532 ـ 533 ونهج السعادة ج5 ص35 وراجع ص38 ومستدرك الوسائل ج17 ص403 ومجلة نور العلم العدد3 السنة الثانية ص44 عن ذيل معادن الحكمة ص382.

(28) تاريخ الأمم والملوك ج5 ص134 و 135 و (ط الأعلمي) ج4 ص103 والكامل في التاريخ ج2 ص426 و (ط دار صادر) ج3 ص376 والبداية والنهاية ج7 ص320 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب ج7 ص124 و 125 عنهم.

(29) تاريخ اليعقوبي ج2 ص196 وأنساب الأشراف (ط سنة 1416 هـ) ج2 ص349 و (ط أخرى) ج3 ص209 نحوه، وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب ج7 ص125 و 126 وقاموس الرجال للتستري ج10 ص79.

(30) أنساب الأشراف (ط سنة 1416 هـ) ج2 ص350 و (ط الأعلمي) ص450 ونهج السعادة ج2 ص578.

(31) الآية 20 من سورة الفجر.

طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 2014/07/22  ||  القرّاء : 7960










البحث في الموقع


  

جديد الموقع



 مسابقه کتابخوانی نبراس‌۱

 لحظات الهجوم الاول على دار الزهراء عليها السلام

 كربلاء فوق الشبهات

ملفات منوعة



 بماذا نالت الزهراء (عليها السلام) تلك الدرجات عند الله؟

 ما معنى المثل الأعلى لله؟!!

 متى تبدأ العصمة في المعصوم؟

إحصاءات

  • الأقسام الرئيسية 12

  • الأقسام الفرعية 64

  • عدد المواضيع 696

  • التصفحات 6895091

  • المتواجدون الآن 1

  • التاريخ 29/03/2024 - 00:45





تصميم، برمجة وإستضافة: الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net