التعبد بالظن
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم..
سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي دامت بركاته..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سماحة السيد دمتم بالعز والهنا..
أرفع إلى مقامكم العالي السؤال والإستفسار الآتي، ونأمل من سماحتكم الإجابة والتوضيح والتوجيه في الفهم..
سؤالي حول ما يذكره العلامة الأصولي المجدد الوحيد البهبهاني «قدس سره» في كتابه الفوائد الرجالية ـ الفائدة الأولى ـ بيان الحاجة إلى الرجال ص11 وأما المسائل الفقهية، فقد ثبت جواز التعبد بالظن، وورد به الشرع، أما في أمثال زماننا، فلا يكاد توجد مسألة تثبت بتمامها من الاجماع من دون ضميمة أصالة العدم أو خبر الواحد أو أمثالها، وكذا من الكتاب أو الخبر القطعي لو كان، مع أن المتن ظني في الكل، سيما في أمثال زماننا و (بالجملة) المدار على الظن قطعاً، وأما في زمان الشارع، فكثير منها كانت مبنية عليه مثل: تقليد المفتين وخبر الواحد، وظاهر الكتاب، وغير ذلك.. وأيضاً الندم يحصل في قتل المؤمنين وسبيهم ونهبهم البتة لو ظهر عدم صدق الخبر).
السؤال والإشكال العلامة البهبهاني يقرِّر ويحرِّر: أن العبادات والتعبد بالمسائل الفقهية قائم على الظنون حتى في زمان الأئمة المعصومين «صلوات الله عليهم»، فكيف نجمع بين العصمة واعتقادنا بالإمام المعصوم المرجع والمبين والحافظ للشرع وللأحكام الشرعية وبين التعبد بالظن، بل صارت جملة الأحكام دائرة على الظنون..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإن المراد بالظنون في كلام العلامة الكبير الوحيد البهبهاني هو الظنون التي ثبتت حجيتها، ويؤاخذ الله سبحانه على مخالفة مضامينها.. ومنها تقليد المفتين، وظواهر الكتاب، وخبر الواحد، وغير ذلك..
وهذا لا ربط له بعصمة النبي «صلى الله عليه وآله» والأئمة «عليهم السلام».. إذ لا يجب أن تكون الآيات القرآنية كلها نصوصاً قطعية الدلالة، لا يحتمل الخلاف فيها، ولو احتمالاً ضعيفاً.
ولا يجب علي الشارع أيضاً: أن يوجد إجماعاً من العلماء على جميع الأحكام.
كما لا يجب عليه أن يجعل جميع الأحكام في قوالب لفظية قطعية الدلالة.. فإن ذلك ليس من وظائف المعصوم نبياً كان أو إماماً.
بل هو يتعامل في بياناته، وفي نشر أحكام الشرع، وفق ما هو متوفر في الواقع العملي للناس. وهو معنيٌّ بالتسهيل عليهم، والتخفيف عنهم، ولا يحملهم ما لا طاقة لهم به. ولا يفرض عليهم ما يوجب لهم حرجاً، أو ما يؤدي إلى اختلال أمورهم..
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين..
جعفر مرتضى العاملي