هل لهذه الحادثة (لباس الاسد بعاشوراء )مصدر في كتبنا؟!
السؤال:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تقام في العتبة الحسينية وبعض الحسينيات تصاوير يوم عاشوراء لشخص يلبس لباس الأسد و يلطم على الامام الحسين (ع).
السؤال: هل لهذه الحادثة مصدر في كتبنا؟!
موفقين لكل خير
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
قال المجلسي في بحار الأنوار: روي في بعض مؤلفات أصحابناً مرسلاً.. إلى أن يقول:
«حكي عن رجل أسدي: قال: كنت نازلاً على نهر العلقمي بعد ارتحال [العسكر] عسكر بني أمية، فرأيت عجائب لا أقدر (أن) أحكي إلا بعضها.
منها: أنه إذا هبت الرياح تمر علي نفحات كنفحات المسك والعنبر، وإذا سكنت أرى نجوماً تنزل من السماء [إلى الأرض]، وترقى من الأرض إلى السماء مثلها، وأنا منفرد مع عيالي، ولا أرى أحداً أسأله عن ذلك، وعند غروب الشمس يقبل أسد من القبلة فأولي عنه إلى منزلي، فإذا أصبحت وطلعت الشمس وذهبت من منزلي، أراه مستقبل القبلة ذاهباً.
فقلت في نفسي: إن هؤلاء خوارج قد خرجوا على عبيد الله بن زياد، فأمر بقتلهم، وأرى [منهم] ما لم أره من سائر القتلى، فوالله هذه الليلة لابد من المساهرة لأنظر هذا الأسد أيأكل من هذه الجثث أم لا.
فلما صار عند غروب الشمس، وإذا به (قد) أقبل فحققته فإذا هو هائل المنظر، فارتعدت منه وخطر ببالي إن كان مراده لحوم بني آدم فهو يقصدني، وأنا أحاكي نفسي بهذا فمثلته، وهو يتخطى القتلى حتى وقف على جسد كأنه الشمس إذا طلعت، فبرك عليه، فقلت: يأكل منه؟!
فإذا به يمرغ وجهه عليه وهو يهمهم ويدمدم.
فقلت: الله أكبر ما هذه إلا أعجوبة، فجعلت أحرسه حتى اعتكر الظلام، وإذا بشموع معلقة ملأت الأرض، وإذا ببكاء ونحيب ولطم مفجع، فقصدت تلك الأصوات فإذا هي تحت الأرض، ففهمت من ناع فيهم يقول: وا حسيناه، وا إماماه، فاقشعر جلدي، فقربت من الباكي وأقسمت عليه بالله وبرسوله من تكون ؟
فقال: إنا نساء من الجن.
فقلت: وما [ شأنكن ] ؟
فقلن: في كل يوم وليلة هذا عزاؤنا على الحسين «عليه السلام» الذبيح العطشان.
فقلت: هذا الحسين الذي يجلس عنده الأسد؟
قلن: نعم، أتعرف هذا الأسد ؟
قلت: لا.
قلن: هذا أبوه علي بن أبي طالب «عليه السلام»، فرجعت ودموعي
تجري على خدي(1).
وبعدما تقدم نقول:
إن المجلسي «رحمه الله» لم يذكر لنا اسم المصدر الذي نقل عنه هذه الرواية، ولا ذكر لنا اسم مؤلفه.. وقد صرح بأن الرواية مرسلة أيضاً. كما أنه لم يذكر لنا اسم ذلك الأسدي الذي يروي هذا الحديث بطوله..
يضاف إلى ذلك: ادعاء نساء من الجن لا نعرف عنهن شيئاً: أن الأسد هو علي بن أبي طالب «عليه السلام».
ومع ذلك كله نقول:
إن ذلك كله لا يبرر الحكم الجازم على جميع عناصر هذه الرواية بالجعل والبطلان.. وعلينا أن نتعامل معها، ومع فقراتها المختلفة، على قاعدة: كل ما طرق سمعك، فذره في بقعة الإمكان حتى يذودك عنه قاطع البرهان..
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين.
جعفر مرتضى العاملي
(1) بحار الأنوار ج45 ص193 و 194 والعوالم، الإمام الحسين ج17 ص 512 ومدينة المعاجز ج3 ص79 وج4 ص70 عن بحار الأنوار.